صفحة جزء
( 2 ) باب النعال

الفصل الأول

4407 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبس النعال التي ليس فيها شعر . رواه البخاري .


( 2 ) باب النعال

بكسر النون جمع نعل كالبغال والبغل ، وهو على ما في القاموس : ما وقيت به القدم من الأرض كالنعلة مؤنثة اهـ : وهو كذا في المحكم ، قال ابن الأثير : وهي التي تسمى الآن التاسومة ، وقال بعضهم : النعل يجيء مصدرا وقد يجيء اسما ، وهو المراد هنا ، ولو قال : باب النعل لاحتمل المعنيين ، وإن كان المعنى الثاني هو الأظهر والأشهر .

قال ابن العربي : النعل لباس الأنبياء ، وإنما اتخذ الناس غيره لما في أرضهم من الطين اهـ . ولعله أخذه من قوله تعالي لموسى - عليه الصلاة والسلام : فاخلع نعليك مع ما ثبت من لبس نعليه - صلى الله عليه وسلم - وكان ابن مسعود - رضي الله عنه - صاحب النعلين والوسادة والسواك والطهور ، وكان يلبس نعليه إذا قام وإذا جلس جعلهما في ذراعيه حتى يقوم .

الفصل الأول

4407 - ( عن ابن عمر قال : رأيت رسول الله ) : وفي نسخة النبي ( - صلى الله عليه وسلم - يلبس النعال التي ليس فيها شعر ) : بفتح العين ويسكن أي يلبس النعال المصنوعة من جلود نقيت عن الشعر . زاد الترمذي : ويتوضأ فيها ، فأنا أحب أن ألبسها أي لمتابعة الهدى لا لموافقة الهوى ، فإنه جواب عما قال له ابن جريج : رأيتك تلبس النعال

[ ص: 2809 ] السبتية ، وهو بكسر المهملة وسكون الموحدة بعدها مثناة منسوبة إلى السبت . قال أبو عبيدة : هي المدبوغة . قال الحنفي في شرح الشمائل : وإنما اعترض عليه ; لأنها نعال أهل النعمة والسعة .

قال ابن حجر : ومن ثم لم يلبسها الصحابة ، كما أفاده خبر البخاري أن السائل قال : رأيتك تفعل أربعة أشياء لم يفعل أصحابنا ، وعد هذه منها .

أقول : الظاهر أن مراد السائل منه أن يعرف ما الحكمة في اختياره إياها ومواظبته عليها ، مع أن الصحابة ما كانوا يتقيدون بنوع من اللبس وغيره إلا ما فيه المتابعة ، هذا وفي قوله : يتوضأ فيها إشعار بأنه لم يكن يحترز عنها اعتمادا على أصل طهارتها ، أو حصول الطهارة بدباغتها ، قال الخطابي : وقد تمسك بهذا من يدعي أن الشعر ينجس بالموت ، وأنه لا يؤثر فيها الدباغ ، ولا دلالة فيه لذلك اهـ .

وظاهر إطلاق هذا الحديث أنه يجوز لبسها في كل حال ، وقال أحمد : يكره لبسها في المقابر لحديث بشير بن الخصاصية قال : بينا أنا أمشي في القبور وعلي نعلان إذا رجل ينادي من خلفي : يا صاحب السبتيتين ! إذا كنت في هذا الموضع فاخلع نعليك . أخرجه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم ، واحتج على ما ذكره ، وتعقبه الطحاوي بأنه يجوز أن يكون الأمر بخلعهما لأذى كان فيهما ، وقد ثبت في الحديث : " إن الميت ليسمع قرع نعالهم إذا ولوا عنه مدبرين " وهو دال على جواز لبس النعال في المقابر . قال : وقد ثبت حديث أنس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في نعليه ، قال : فإذا جاز دخول المسجد بالنعل فالمقبرة أولى .

قال العسقلاني : ويحتمل أن يكون المراد بالنهي إكرام الميت ، كما ورد النهي عن الجلوس على القبر ، وليس ذكر السبتيتين للتخصيص ، بل اتفق ذلك ، والنهي إنما هو للمشي على القبور بالنعال ، والله أعلم بالحال .

قلت : الظاهر أن المشي على القبور منهي بالنعال وبغيرها ، نعم يمكن أن يكون مشيه على القبور ، فنبهه بأمر الخلع على أن الموضع موضع أدب وتواضع ، لا مكان تكبر واختيال ، فعالجه بالضد وأمره بالأمر الأشد ، وهو لا ينافي جواز لبسها دفعا للحرج لمكان الضرورة . ( رواه البخاري ) : وكذا الترمذي في الشمائل .

التالي السابق


الخدمات العلمية