صفحة جزء
433 - وعن أم سلمة رضي الله عنها ، قالت : قالت أم سليم : يا رسول الله ، إن الله لا يستحيي من الحق ، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت ؟ قال : " نعم ، إذا رأت الماء " فغطت أم سلمة وجهها ، وقالت : يا رسول الله ! أوتحتلم المرأة ؟ قال : ( " نعم تربت يمينك ، فبم يشبهها ولدها ؟ " . متفق عليه .


433 - ( وعن أم سلمة قالت : قالت أم سليم ) : هي أم أنس بن مالك بنت ملحان ، بكسر الميم وسكون اللام وبالحاء المهملة ، وفي اسمها خلاف ، تزوجها مالك بن النضر أبو أنس بن مالك ، فولدت له أنسا ، ثم قتل عنها مشركا فأسلمت ، فخطبها أبو طلحة وهو مشرك ، فأبت ، ودعته إلى الإسلام فأسلم ، وقالت : إني أتزوجك ولا آخذ منك صداقا لإسلامك . فتزوجها أبو طلحة ، روى عنها خلق كثير . ( يا رسول الله ، إن الله لا يستحيي ) : بياءين على الأصل بعد سكون الحاء ، ولا يجوز تفسير الحديث إذا ثبت روايته ، وإن جاء في لغة أخرى : لا يستحي بكسر الحاء بعدها ياء واحدة بنقل حركة الياء الأولى إلى ما قبلها ، ثم حذفها لالتقاء الساكنين ، قال ابن حجر : ويجوز حذف الأولى التي هي عين الفعل تخفيفا . ثم قوله : ويجوز في اسم الفاعل مستحي بوزن مستفل ومستحي بوزن مستفع ، ومستح بوزن مستف غير مستقيم ; لأنه لا يجوز النطق بالأول كما لا يقال : قاضي بالتنوين على الياء . نعم أصل مستحي بوزن مستفع مستحيي بوزن مستفعل لا أنه لغات ثلاث ، هذا وليس لذكره ضرورة في المقام إلا تطويل الكلام ، والله أعلم بالمرام .

هذا والحياء تغير لخوف ما يعاب وهو مستحيل في حقه تعالى ، فالمراد لازمه أي : لا يمتنع ( من الحق ) : أي : بيانه ولا يتركه ترك الحيي منا . قالته اعتذارا عن التصريح مما ذكرته في حضرة الرسالة ، كما لا تسمح جبلتهن بذكره عند غيره لإشعاره بنزول منيها الدال على شدة شهوتها للرجال أي : أن الله تعالى بين لنا أن الحق لا يستحيا منه ، وسؤالها من ذلك الحق الذي ألجأت إليه الضرورة . قالت عائشة رضي الله تعالى عنها : نعم النساء نساء الأنصار ؛ لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين . رواه أبو داود ، تعني أنا أيضا لا أستحيي من سؤال هو حق ( فهل على المرأة من غسل ) : بزيادة من للتأكيد أي : نوع من الغسل ، وفي نسخة : غسل ( إذا احتلمت ؟ ) أي : إذا رأت في الحلم بالضم المجامعة قال : ( " نعم " ) : عليها الغسل ( " إذا رأت الماء " ) : أي : المني في بدنها أو ثوبها بعد اليقظة ، وفي معناه المذي عندنا ( فغطت ) أي : سترت ( أم سلمة وجهها ) : من استحياء ما سألت أم سليم . قال الأزهري : قوله : فغطت قيل من كلام زينب الراوية عن أم سلمة ، فالحديث ملفق ، وقيل : من أم سلمة على سبيل الالتفات ، كأنها جردت من نفسها أخرى وأسندت إليها التغطية . ( وقالت : يا رسول الله ، أوتحتلم ) : بالواو . وقال الطيبي : في نسخ المصابيح بالهمزة وفي الصحيحين وكتاب الحميدي وجامع الأصول بغير الهمزة ( المرأة ؟ ) : أي : ويكون لها مني ويخرج منها كالرجل ، وأغرب ابن حجر واعتمد على نسخة غير صحيحة عنده من نسخ المشكاة بالهمزة فقال : أي : أتقول ذلك وتحتلم المرأة ؟ ثم اعترض على المصنف بقوله ، وتبع المصنف في ذكر الهمزة المصابيح ، والذي في الصحيحين وغيرهما بحذفها اهـ .

[ ص: 424 ] وهذا إنما نشأ من عدم الأصل المعتمد إما بسماعه من حافظ أو تصحيحه من نسخة قرئت على بعض المحدثين ( قال : " نعم تربت يمينك " أي : ما أصبت ، وهو في الأصل كناية عن شدة الفقر ، أو إخبار أو دعاء . قال الطيبي : ترب الشيء بالكسر أصابه التراب ، لم يرد به الدعاء عليها ، وإنما خرجت مخرج التعجب من سلامة صدرها ( " فبم يشبهها ولدها ؟ ! " ) : أي : في بعض الأحيان ، وهو استدلال على أن لها منيا كما للرجل ، والولد مخلوق منهما ، إذ لو لم يكن لها ماء وخلق من مائه فقط لم يشبهها قاله الطيبي . وقال بعضهم : أي إن لم يكن لها مني فبأي سبب يشبهها ؟ إذ الشبه بسبب ما بينهما من الشركة في المزاج الأصلي المعد لقبول التشكلات من خالقه تبارك وتعالى . ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية