صفحة جزء
4453 - وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلبس النعال السبتية ، ويصفر لحيته بالورس والزعفران ، وكان ابن عمر يفعل ذلك . رواه النسائي .


4453 - ( وعن ابن عمر ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلبس النعال السبتية ) : بكسر السين المهملة وسكون الموحدة ففوقية وياء نسبة . في النهاية : السبت بالكسر جلود البقر المدبوغة بالقرظ يتخذ منها النعال ، سميت بذلك لأن شعرها قد سبت عنها أي حلق وأزيل ، وقيل : لأنها سبتت بالدباغ أي لانت . قال الطيبي : وفي تسميتهم للنعل المتخذة من السبت سبتيا اتساع ، مثل قولهم : فلان يلبس الصوف والقطن والإبريسم أي الثياب المتخذة منها اهـ . وهو غريب منه لأن مع وجود ياء النسبة يمتنع معنى الاتساع ، كما إذا قيل : لبس القطنية ( ويصفر لحيته ) : بتشديد

[ ص: 2829 ] الفاء المكسورة أي يجعلها أصفر ( بالورس ) : بفتح فسكون نبت أصفر باليمن ( والزعفران ) . والظاهر أنه كان يخلط بينهما ويخضب بهما لحيته ، لكن ينافيه ما سبق عن أنس بطرق صحيحة ، ومنها ما في مسلم عن أنس قال : لم يخضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما كان البياض في عنفقته ، وهي ما بين الذقن والشفة السفلى ، وفي الصدغين ، وفي الرأس نبذ : بضم ففتح أو بفتح فسكون أي شعرات متفرقة ، وجمع العسقلاني بينهما لأن مراد أنس أنه لم يكن في شعره ما يحتاج إلى الخضاب ، وقد صرح بذلك في رواية محمد بن سيرين قال : سألت أنس بن مالك : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خضب ؟ قال : لم يبلغ الخضاب ، ولمسلم من طريق حماد عن ثابت عن أنس : لو شئت أن أعد شمطات كن في رأسه لفعلت . زاد ابن سعد والحاكم : ما شأنه بالشيب ؟ ولمسلم من حديث جابر بن سمرة : قد شمط مقدم رأسه ولحيته ، وكان إذا دهن لم يتبين ، فإن لم يدهن تبين اهـ . كلامه .

قال ميرك : لم يظهر لي وجه الجمع بما ذكر فليتأمل فيه . أقول : الذي يظهر لي أن مراده والله أعلم ، أن حديث أنس مقتطع ، فالجمع باعتبار المجموع مع تضمن الجواب عن الإشكال الواقع في الباب ، وهو أنه قد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - الخضاب ، فأشار إلى دفعه بأن مراد أنس أنه لم يكن في شعره ما يحتاج إلى الخضاب ، وهو لا ينافي الخضاب الثابت عن ابن عمر في الصحيحين ، أنه قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصبغ بالصفرة ، وحاصل الجمع أنه صبغ تلك الشعرات القليلة في حين من الأوقات ، وتركه في معظم الأوقات ، فأخبر كل بما رأى ، وكلاهما صادقان ، ويمكن أن يقال : من نفى الصبغ أراد نفيه بصفة الدوام والأغلبية ، ومن أثبته أراد إثباته على سبيل الندرة ، وأما قول ابن حجر : رواية أنس لم يخضب بناء على علمه فبعيد جدا ، فإنه خادمه اللازم له بحيث لا يخفى ، وما أبعد من قال يريد المثبت أي ابن عمر على ما تقدم عنه في الصحيح بأنه يصبغ بالصفرة أنه يصبغ ثوبه ، فإنه قد صرح في هذا الحديث بأنه كان يصفر لحيته . ( وكان ابن عمر يفعل ذلك ) : أي ما ذكر من لبس النعال السبتية وتصفير اللحية بالورس والزعفران ( رواه النسائي ) . وفي الجامع الصغير : رواه الشيخان ، وأبو داود ، عن ابن عمر إلى قوله : لحيته ، فتدبر .

التالي السابق


الخدمات العلمية