صفحة جزء
4492 - وعنها ، أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير ، فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام على الباب ، فلم يدخل ، فعرفت في وجهه الكراهية . قالت : فقلت : يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله ، فماذا أذنبت ؟ فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " ما بال هذه النمرقة ؟ " قلت : اشتريتها لك لتقعد عليها ، وتوسدها ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ، ويقال لهم : " أحيوا ما خلقتم " . وقال : " إن البيت الذي فيه الصورة لا تدخله الملائكة " . متفق عليه .


4492 - ( وعنها ) : أي عن عائشة ( أنها اشترت نمرقة ) : بضم النون والراء وفي نسخة بكسرها ، ففي القاموس : النمرقة ، والنمرقة مثلثة الوسادة الصغيرة أو الميثرة أو الطنفسة فوق الرحل ، وقال السيوطي بتثليث النون والراء ، وقيل بكسرها كسر النون الوسادة . قال النووي : النمرق بضم النون وفتح الراء هي وسادة صغيرة ، وقيل مرقعة . ( فيها تصاوير ) : أي فيها صور ، وكأنها وضعتها في صدر بيتها . ( فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : أي قبل أن يدخل بيتها ( قام على الباب ) : أي وقف ( فلم يدخل ) : أي غضبا ( فعرفت ) : بصيغة المتكلم ، وفي نسخة بصيغة التأنيث على أنه من قول الراوي عنها أي قرأت ( في وجهه الكراهية ) : أي أثرها فعرفت وجه غضبه وعدم دخوله . ( قالت : فقلت : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتوب ) : أي أرجع من المخالفة ( إلى الله وإلى رسوله ) : أي رضاهما ، وفي إعادة إلى دلالة على استقلال الرجوع إلى كل منهما . قال الطيبي : فيه أدب حسن من الصديقة - رضي الله عنها - وعن أبيها ، حيث قدمت التوبة على إطلاعها على الذنب ، ونحوه قوله تعالى : عفا الله عنك لم أذنت لهم قدم العفو تلطفا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدأ بالعفو قبل إبداء الذنب ، كما قدمت التوبة على معرفة الذنب ، ومن ثم قالت : ( ماذا أذنبت ؟ ) : أي ما أطلعت على ذنب ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بال هذه النمرقة ؟ " قالت : قلت : اشتريتها لك لتقعد عليها ) : أي تارة ( وتوسدها ) : بحذف إحدى التاءين أي وتجعلها وسادة مرة أخرى ، وكأنها غفلت عن أن كراهته - صلى الله عليه وسلم - لأجل تصاويرها ، بل ظنت أن الكراهة لمجرد فرشها وإرادتها زينة البيت بها ، فقالت ما قالت . ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : إن أصحاب هذه الصور ) : وهو يشمل من يعملها ومن يستعملها ( يعذبون يوم القيامة ) : لكن يؤيد الأول قوله : ( ويقال لهم : أحيوا ما خلقتم ) : أي انفخوا الروح فيما صورتم ، فعدل إليه تهكما بهم وبمضاهاتهم الخالق في إنشاء الصور ، والأمر بأحيوا تعجيز لهم نحو قوله تعالى : فأتوا بسورة من مثله ، فدل على أن التصوير حرام ، وهو مشعر بأن استعمال الصور ممنوع ; لأنه سبب لذلك ، وباعث عليه مع ما فيه من أنه زينة الدنيا . ( وقال ) : أي أيضا في وجه الامتناع وسبب المنع ( إن البيت الذي فيه الصورة ) : وهي بظاهرها تشتمل جميع الصور في جميع أماكن البيت ( لا تدخله الملائكة ) : أي وكذا لا تدخله الأنبياء وأتباعهم من الأولياء . قال الطيبي : وفي الحديث دليل على أن امتناع دخول الملائكة في بيت فيه صورة إنما هو لأجلها سواء كانت مباحة أو حراما ، كما ذهب إليه النووي في الحديث السابق ، والله الموفق ، ( متفق عليه ) وكذا روى الإمام مالك الفصل الأخير من الحديث .

[ ص: 2851 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية