صفحة جزء
الفصل الثاني

4501 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " أتاني جبريل عليه السلام قال : أتيتك البارحة ، فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل ، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل ، وكان في البيت كلب ، فمر برأس التمثال الذي على باب البيت فيقطع ، فيصير كهيئة الشجرة ، ومر بالستر فليقطع ، فليجعل وسادتين منبوذتين توطآن ، ومر بالكلب فليخرج " . ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه الترمذي ، وأبو داود .


الفصل الثاني

4501 - ( عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : أتاني جبريل عليه السلام ) : كذا في النسخ ( قال ) : استئناف بيان لجواب سؤال مقدر ( أتيتك البارحة ) : أي الليلة الماضية ( فلم يمنعني ) : أي مانع ( أن أكون ) : أي من أن أكون ( دخلت ) : أي في البيت ( إلا أنه ) : أي الشأن ( كان على الباب تماثيل ) : أي ستر فيه تماثيل ، إذ كونها على الباب بعيد عن صوب الصواب ، وهو بفتح أوله جمع تمثال بكسر أوله ، قال ابن الملك : والمراد بها صور الحيوانات . ( وكان ) : عطف على كان فهو من جملة كلام جبريل ، أي وكان أيضا ( في البيت قرام ستر ) : بكسر السين ( فيه ) : أي في القرم ( تماثيل ) : والقرام بكسر القاف الستر المنقش قاله بعض الشراح .

[ ص: 2855 ] وفي القاموس : القرام ككتاب الستر الأحمر ، أو ثوب ملون من صوف فيه رقم ونقوش أو ستر رقيق ، ونقل الطيبي عن النهاية : أنه هو الستر الرقيق ، وقيل : الصفيق من صوف ذي ألوان والإضافة فيه كقوله : ثوب قميص ، وقيل : القرام الستر الرقيق وراء الستر الغليظ ، ولذلك أضاف ( وكان في البيت كلب ) : أي أيضا ( فمر برأس التمثال ) : أي ( الذي على ستر باب البيت ) : أي بقطع رأسه ( فيقطع ) : بصيغة المجهول مخففا ، وفي نسخة بالتشديد وهو مرفوع ، وفي نسخة صحيحة بالنصب ، والضمير راجع إلى رأس التمثال .

قال الطيبي في جامع الأصول : وأكثر نسخ المصابيح بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، وفي بعضها بالنصب على أنه جواب الأمر ، فإن أمر الشارع سبب للامتثال والأول ألطف معنى ( فيصير ) : بالوجهين أي يرجع التمثال المقطع رأسه ( كهيئة الشجرة ) : إن قلت ما الفائدة في ذكر هذا ; قلت : الإعلام بأن القطع ليس المراد به نحر موضع الرأس من القرام ، بل فصله منه ، لأنه لا يصير كهيئة الشجر إلا إذا فصل منه الرأس ، فأما مادام الرأس باقيا أو ممحوا فلا . كذا ذكره ابن الملك ، وهو خلاف المعقول والمنقول ، أما الأول فلأنه إذا محي الرأس وما به من صورة الوجه المتميز به ، فلا شك أنه يصير على هيئة الشجرة وهو أمر مشاهد ، وأما الثاني ; فلأنه خلاف المذهب ، ففي فتاوى قاضيخان ، يكره أن يصلي وبين يديه أو فوقه أو عليه ، أو يساره أو ثوبه تصاوير . وفي البساط روايتان ، والصحيح أنه لا يكره على البساط إذا لم يسجد على التصاوير . قال : وهذا إذا كانت الصورة تبدو للناظرين من غير تكلف ، فإن كانت صغيرة أو ممحوة الرأس لا بأس به ، هذا وفي شرح السنة : فيه دليل على أن الصورة إذا غيرت هيئتها بأن قطعت رأسها أو حلت أوصالها حتى لم يبق منها إلا الأثر على شبه الصور فلا بأس به ، وعلى أن موضع التصوير إذا نقض حتى تنقطع أوصاله جاز استعماله .

قلت : وفيه إشارة لطيفة إلى جواز تصوير نحو الأشجار مما لا حياة فيه كما ذهب إليه الجمهور ، وإن كان قد يفرق بين ما يصير مآلا وانتهاء ، وبين ما يقصد تصويره ابتداء والله أعلم . ( ومر بالستر فليقطع ، فليجعل وسادتين منبوذتين ) : أي مطروحتين مفروشتين ( توطآن ) : بصيغة المجهول أي تهانان بالوطء عليهما ، والقعود فوقهما ، والاستناد إليهما ، وأصل الوطء الضرب بالرجل ، والمراد بقطع الستر التوصل إلى جعله وسادتين ، كما هو ظاهر من الحديث ، يفيد في جواز استعمال ما فيه الصورة بنحو : الوسادة والفراش والبساط .

وقيل : المراد بقطعه أن لا يبقى موضع من الصورة باقيا ، وهو مع بعده تتوقف صحته على قلة التصاوير فيه ، ويمكن أن يراد بالستر جنس الستر الشامل لما على الباب ، ولما في البيت ، والمراد بالقطع الفصل للتسوية ، ثم الوصل بالخياطة ، ثم جعلهما وسادتين . ( ومر بالكلب فيخرج ) : بصيغة المجهول ، وفي نسخة فليخرج ( ففعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم : أي جميع ما ذكر أو نزل الفعل منزلة اللازم أي امتثل ، والله أعلم . ( رواه الترمذي ، وأبو داود ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية