صفحة جزء
191 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ضرب الله مثلا صراطا مستقيما ، وعن جنبتي الصراط سوران ، فيهما أبواب مفتحة ، وعلى الأبواب ستور مرخاة ، وعند رأس الصراط داع يقول : استقيموا على الصراط ولا تعوجوا ، وفوق ذلك داع يدعو ، كلما هم عبد أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال : ويحك ! لا تفتحه ; فإنك إن تفتحه تلجه " . ثم فسره فأخبر : " أن الصراط هو الإسلام ، وأن الأبواب المفتحة محارم الله ، وأن الستور المرخاة حدود الله ، وأن الداعي على رأس الصراط هو القرآن ، وأن الداعي من فوقه واعظ الله في قلب كل مؤمن " . رواه رزين ، ورواه أحمد .


191 - ( وعن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( ضرب الله مثلا ) أي : بين مثلا ( صراطا مستقيما ) : بدل من مثلا على إهدام المبدل ، كما في قولك : زيد رأيت غلامه رجلا صالحا ( وعن جنبتي الصراط ) : بفتح النون كذا في النهاية نقله ميرك أي : عن طرفيه وجانبيه يعني يمينه ويساره ( سوران ) : والجملة حال عن صراطا ( فيهما أبواب مفتحة ) : الجملة صفة سوران أي : جداران فاصلان بين الصراط المستقيم وطرفيه الخارجين عن الصراط القويم ، المشبهين بسور البلد من جنبتيه ، أحد جانبيه من أهله والآخر من العدو وفيه إيماء إلى قوله تعالى : فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب والله أعلم بالصواب . ( وعلى الأبواب ستور ) : جمع الستر بالكسر ( مرخاة ) أي : مرسلة ، والجملة حال من ضمير الأبواب في " مفتحة " ، ووضع الظاهر موضع الضمير الراجع إلى صاحبها لإفادة التفخيم ( وعند رأس الصراط ) أي : عليه ( داع ) : عطوف على وعن جنبتي الصراط ( يقول ) : أي الداعي ( استقيموا ) : أي استووا ( على الصراط ولا تعوجوا ) : بتشديد الجيم من الاعوجاج ، كذا في نسخة السيد وغيره ، وفي نسخة بتشديد الواو على حذف إحدى التاءين وهو تأكيد لما قبله ، أي : لا تميلوا إلى الأطراف .

[ ص: 273 ] قال الطيبي : عطف على " استقيموا " على الطرد والعكس ، لأن مفهوم كل منهما يقرر منطوق الآخر وبالعكس ( وفوق ذلك ) : عطف على : وعند رأس الصراط ، والمشار إليه بذلك الصراط أو الداعي ( داع يدعو ، كلما هم عبد ) أي : قصد وأراد ( أن يفتح شيئا ) أي : قدرا يسيرا ( من تلك الأبواب ) أي : ستورها .

قال الطيبي : كلما ظرف يستدعي الجواب وهو : قال ا هـ . والضمير في ( قال ) : راجع إلى الداعي ( ويحك ) : زجر له عن تلك الهمة ، وهي كلمة ترحم وتوجع تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها كذا قاله الطيبي ، يعني ثم استعمل لمجرد الزجر عما هم به من الفتح ( لا تفتحه ) أي شيئا من تلك الأبواب أي ستورها . وقال الأبهري : هذا يدل على أن تلك الأبواب مردودة ، فمعنى قوله سابقا " أبواب مفتحة " : غير مغلقة ا هـ . وهو خلاف الظاهر ( فإنك إن تفتحه تلجه ) أي : تدخله يعني : لا تقدر أن تملك نفسك وتمسكها عن الدخول بعد الفتح . ( ثم فسره ) أي : أراد تفسيره ( فأخبر : أن الصراط هو الإسلام ) : وهو طريق مستقيم والمطلوب من العبد الاستقامة عليه ( وأن الأبواب المفتحة محارم الله ) : فإنها أبواب للخروج عن كمال الإسلام والاستقامة والدخول في العذاب والملامة ( وأن الستور المرخاة حدود الله ) : قال الطيبي : الحد الفاصل بين العبد ومحارم الله كما قال الله تعالى : ( تلك حدود الله فلا تقربوها ) ا هـ .

والظاهر والله أعلم أن المراد من الستور الأمور المستورة غير المبينة من الدين المسماة بالشبهة المعبر عنها ب " حول الحمى " في الحديث المشهور . ( وأن الداعي ) : وفي نسخة : والداعي بالرفع ( على رأس الصراط هو القرآن ، وأن الداعي من فوقه ) أي : فوق الصراط أو من فوق الداعي الأول ( هو واعظ الله في قلب كل مؤمن ) . قال الطيبي : هو لمة الملك في قلب المؤمن ، واللمة الأخرى هي لمة الشيطان ا هـ . أي : التي أثرها الهم ، وكان الأظهر أن يقول : والهم لمة الشيطان . ( رواه رزين ) . أي : عن ابن مسعود ( ورواه أحمد ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية