صفحة جزء
4524 - وعن أم قيس - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " على ما تدغرن أولادكن بهذا العلاق ؟ عليكن بهذا العود الهندي ؟ فإن فيه سبعة أشفية ، منها ذات الجنب يسعط من العذرة ، ويلد من ذات الجنب " . متفق عليه .


4524 - ( وعن أم قيس - رضي الله عنها - ) : قال المؤلف : هي بنت محصن بكسر الميم وسكون الحاء المهملة وفتح الصاد المهملة فنون ، أسدية أخت عكاشة ، أسلمت بمكة قديما ، وبايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهاجرت إلى المدينة اهـ . وهي التي ورد بسببها حديث : ( " ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها " ) فكان رجل تبعها في الهجرة وكان يسمى مهاجر أم قيس . ( قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : على ما تدغرن ) : بفتح الغين من الدغر وبفتح الدال وسكون عين معجمة فراء الدفع والغمز ، وما : استفهام في معنى الإنكار له ولنفعه ، والاستعمال الكثير على حذف الألف تخفيفا والأصل قليل ، ذكره الطيبي . وفي الجامع الصغير : علام يحذف الألف ، والمعنى على أي شيء تعالجن أولادكن وتغمزن حلوقهم ؟ فبهذا العلاق بضم أوله ، وفي بعض النسخ بفتحها ، وفي بعضها بكسرها والكل بمعنى العصر ، وقال بعض الشراح : هو بالكسر الداهية يعني لا تعصرن عذرة الأولاد بالشدة .

وبالضم ما تعصر به العذرة من أصبع أو غيرها أي لا تعصرن ( أولادكن ) : بأصبع ونحوها ، وفي رواية أخرى لمسلم ( بهذا العلاق ؟ ) : وهو الدغر . قال التوربشتي قوله : بهذا العلاق ؟ كذلك رواه البخاري ومسلم ، وفي كتاب مسلم أيضا بهذا الإعلاق ، وهو أولى الروايتين وأصوبهما ، ومن الدليل على صحة هذه الرواية قول أم قيس في بعض طرق هذا الحديث ، وقد أعلقت عليه ، وفسره يونس بن يزيد ، وهو الراوي عن ابن شهاب : أعلقت غمزت ، هذا لفظ كتاب مسلم . وقال النووي في شرح مسلم : العلاق بفتح العين ، وفي الرواية الأخرى الإعلاق وهو الأشهر عند أهل اللغة حتى زعموا أنه الصواب ، وإن العلاق لا يجوز قالوا : والأعلاق مصدر أعلقت عنه ، ومعناه أزالت العلوق : وهي الآفة والداهية ، قال ابن الأثير : يجوز أن يكون العلاق هو الاسم منه . قال الطيبي :

[ ص: 2866 ] وتوجيهه أن الكلام معنى الإنكار أي على أي شيء تعالجن بهذا الداء الداهية والمداواة الشنيعة اهـ . والمعنى على الإعلاق لم تعالجن هذه المعالجة الخشنة ؟ ( عليكن بهذا العود الهندي ) : أي بل عليكن في هذا الزمان باستعمال العود الهندي في عذرة أولادكن ، والإشارة بهذا إلى الجنس المستحضر في الذهن وفيه تصريح بأن المراد بالقسط البحري هو العود الهندي ، ويحتمل أن كلا منهما نافع ( فإن فيه ) : أي في هذا العود ( سبعة أشفية ) : جمع شفاء ( منها ذات الجنب ) : أي من تلك الأشفية شفاء ذات الجنب ، أو التقدير : فيه سبعة أشفية أدواء منها ذات الجنب ذكره الطيبي . وفي الجامع الصغير : سبعة أشفية من سبعة أدواء منها : ذات الجنب ، وخص بالذكر لأنه أصعب الأدواء ، وقلما يسلم منه من ابتلي له ذكره الطيبي ، والمراد هنا رياح غليظة في نواحي الجنب ، فإن العود الهندي إنما يداوى به الرياح وقوله : ( يسعط ) : بصيغة المجهول مخففا وروي مشددا وفي الجامع بسط به ، وهو مأخوذ من السوط ، وهو ما يصب في الأنف . بيان كيفية التداوي به أن يدق العود ناعما ، ويدخل في الأنف ، وقيل يبل ويقطر فيه .

( من العذرة ) : أي من أجلها ( ويلد ) : بصيغه المجهول وتشديد الدال المهملة : من لد الرجل إذا صب الدواء في أحد شقي الفم ، ومنه اللدود ، وفي الجامع من يلد له . ( من ذات الجنب ) : أي من أجلها ، وسكت - صلى الله عليه وسلم - عن خمسة منها لعدم الاحتياج إلى تفصيلها في ذلك الوقت ، فاقتصر على المهم والمناسب للمقام كما هو دأب أرباب بلغاء الكلام ، ولعل البقية كانت مشهورة عندهم معروفة فيما بينهم ، وقد سبق في القاموس بعض خواصه . قال النووي : قد اعترض من في قلبه مرض ، فقال الأطباء : مجمعون على أن مداواة ذات الجنب بالقسط مع ما فيه من الحرارة الشديدة خطر .

قال المازري : في هذا القول جهالة بينة وهو كما قال تعالى : بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ، وقد ذكر جالينوس وغيره : أن القسط ينفع من وجع الصدر ، وقال بعض القدماء من الأطباء : ويستعمل حيث يحتاج إلى أن يجذب الخلط من باطن البدن إلى ظاهره ، وهذا يبطل ما زعم المعترض الملحد ، وأما قوله : ففيه سبعة أشفية فقد أطبق الأطباء في كتبهم على أنه يدر الطمث والبول ، وينفع من السموم ، ويحرك شهوة الجماع ، ويقتل الدود ، وحب القرع في الأمعاء إذا شرب بعسل ، ويذهب الكلف إذا طلي عليه ، وينفع من برد المعدة والكبد ، ومن حمى الورد والربع ، وغير ذلك . وهو صنفان : بحري وهندي البحري هو القسط الأبيض ، والبحري أفضل من الهندي ، وأقل حرارة منه ، وإنما عددنا منافعه من كتب الأطباء لأنه - صلى الله عليه وسلم - ذكر منها عددا مجملا .

قال الطيبي : وذلك لأن السبعة تطلق ويراد بها الكثرة . ( متفق عليه ) . ورواه أحمد ، وأبو داود ، وابن ماجه ، عن أم قيس بنت محصن كذا في الجامع .

التالي السابق


الخدمات العلمية