صفحة جزء
( 2 ) باب الكهانة

الفصل الأول

4592 - عن معاوية بن الحكم - رضي الله عنه - قال : قلت : يا رسول الله ! أمورا كنا نصنعها في الجاهلية ، كنا نأتي الكهان . قال : " فلا تأتوا الكهان " . قال : قلت : كنا نتطير . قال : " ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه ، فلا يصدنكم " . قال ، قلت : ومنا رجال يخطئون . قال : " كان نبي من الأنبياء يخط ، فمن وافق خطه فذاك " . رواه مسلم .


( 2 ) باب الكهانة

بفتح الكاف ، وكسرها كذا في النسخ ، وفي القاموس كهن له كمنع ، ونصر ، وكرم كهانة بالفتح قضى له بالغيب ، وحرفته الكهانة بالكسر اهـ . والمراد بها هنا الأخبار المستورة من الناس في مستقبل الزمان ، وقد كانت في العرب كهنة ، ومنهم من كان يدعي أن له تابعا من الجن يلقي إليه الأخبار ، ويروى : أن الشياطين كانت تسترق السمع فتلقيه إلى الكهنة فتزيد فيه ما تزيد فتقبله الكفار منهم ، فلما بعث - صلى الله عليه وسلم - " حرست السماء وبطلت الكهانة ، ومنهم من كان يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات ، أسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله ، أو فعله ، أو حاله ، وهذا يخصونه باسم العراف ، كالذي يدعي معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحوها " .

الفصل الأول

4592 - ( عن معاوية بن الحكم ) : بفتحتين قال المؤلف في فصل الصحابة : سلمي ، كان نزل المدينة ، وعداده في أهل الحجاز ، روى عنه ابنه كثير ، وعطاء بن يسار وغيرهما مات سنة سبع عشرة ومائة . ( قال : قلت يا رسول الله ! أمورا ) : منصوب على شريطة التفسير وفائدته التفخيم ; لأن البيان بعد الإبهام أوقع في النفس . ذكره الطيبي . ( كنا نصنعها في الجاهلية ) أي : نفعلها ، ومن جملتها ( كنا نأتي الكهان ) بضم الكاف وتشديد الهاء جمع كاهن ، والمعنى : كنا نأتيهم ونستخبر منهم أمورا ( قال : فلا تأتوا الكهان ) أي : لا تعتقدوا صدقهم في أخبارهم ( قال ) أي : معاوية ( قلت : كنا نتطير ) أي : نتشاءم بالطير ونحوها ( قال : ذلك شيء ) أي : من قبل الظنون المعترضة بحكم البشرية ( يجده أحدكم في نفسه )

[ ص: 2903 ] أي ولا تأثير منه ولا ضرر فيه . قال الطيبي : هو نفي للتطير بالبرهان ، وهو أبلغ من قوله : لا تطيروا كما قال : فلا تأتوا الكهان ، يعني : لا تطير ، فإن الطيرة لا وجود لها ، بل هي شيء يوجد في النفوس البشرية ، وما يعتري الإنسان من قبل الظنون من غير أن يكون له فيه ضرر ( فلا يصدنكم ) بتشديد الدال المفتوحة أي : لا يمنعكم التطير عن المضي في حاجتكم ، وعن الأمر الذي قصدتم في خاطركم . قال الطيبي : هو من باب : لا أرينك ههنا ، فإنه نهى ما يجد في النفس عن الصد ، وفي الحقيقة المنهي هم المخاطبون عن التعرض له . ( قال : قلت : ومنا رجال يخطئون ) . بضم الخاء والطاء المشددة . قال الطيبي : قد غير النسق في التفصيل ليدل به على امتياز أولئك الرجال الذين خطوا من الأمور العامة ، وما يتعلق ببقية ألفاظ الحديث مضى بحثه فيما لا يجوز من العمل في الصلاة . ( قال : كان نبي من الأنبياء ) : قيل : دانيال وقيل : إدريس عليهما السلام ( يخط ) أي : بأمر إلهي أو علم لدني ( فمن وافق ) أي : خطه ( خطه ) : بالنصب على أنه مفعول ، وفي نسخة بالرفع على الفاعلية فالمفعول مقدر ( فذاك ) أي : مصيب ، وإلا فلا ، وهو جواب الشرط ، وحاصله أنه في هذا الزمان حرام ; لأن الموافقة معدومة أو موهومة . ( رواه مسلم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية