صفحة جزء
4608 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة . متفق عليه .


4608 - ( وعن أنس - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ) : هو ما في أكثر الأحاديث وعند مسلم : من خمسة وأربعين . وفي رواية له أيضا : من سبعين جزءا . وعند الطبراني : من ستة وسبعين ، وهو ضعيف . وعند ابن عبد البر : من ستة وعشرين . وعند النووي من أربعة وعشرين ، وهذه أقل ما ورد في ذلك ، وأكثرها رواية : ستة وسبعين ، وبقيت روايات أخر . كذا ذكره ابن حجر . وفي جامع الصغير : رؤيا المؤمن الصالح بشرى من الله ، وهي جزء من خمسين جزءا من النبوة . رواه الحاكم والطبراني عن العباس . وفي رواية ابن ماجه عن أبي سعيد بلفظ : رؤيا المؤمن الصالح جزء من سبعين جزءا من النبوة ، وسيأتي روايات أخر . قال التوربشتي : قيل معناه أن الرؤيا جزء من أجزاء علم النبوة ، والنبوة غير باقية وعلمها باق ، وهو معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - " ذهبت النبوة وبقيت المبشرات الرؤيا الصالحة " . قلت : رواه ابن ماجه عن أم [ ص: 2914 ] كرز قال : ونظير ذلك قوله : ( " السمت الحسن والتؤدة والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزءا من النبوة " ) أي : من أخلاق أهل النبوة . قلت : رواه الترمذي عن عبد الله بن سرجس ، وفي رواية الضياء عن أنس : السمت الحسن جزء من خمسة وسبعين جزءا من النبوة ، قال وقيل : معناه أنها تجيء على موافقة النبوة لا أنها جزء باق من النبوة ، وقيل : إنما قصر الأجزاء على ستة وأربعين ; لأن زمان الوحي كان ثلاثا وعشرين سنة . وكان أول ما بدئ به من الوحي الرؤيا الصالحة ، وذلك في ستة أشهر من سني الوحي ، ونسبة ذلك إلى سائرها نسبة جزء إلى ستة وأربعين جزءا . قال : وأما حصر سني الوحي في ثلاثة وعشرين ، فإنه ورد به الروايات المعتد بها مع اختلاف في ذلك ، وأما كون زمان الرؤيا فيها ستة أشهر فشيء قدره هذا القائل في نفسه ولم يساعده فيه النقل ، وأرى الذاهبين إلى التأويلات التي ذكرناها قد هالهم القول بأن الرؤيا جزء من النبوة ، وقد قال " ذهبت النبوة " ، ولا حرج على أحد في الأخذ بظاهر هذا القول ، فإن جزءا من النبوة لا يكون نبوة ، كما أن جزءا من الصلاة على الانفراد لا يكون صلاة ، وكذلك عمل من أعمال الحج ، وشعبة من شعب الإيمان ، وأما وجه تحديد الأجزاء بستة وأربعين ، فأرى ذلك مما يجتنب القول فيه ويتلقى بالتسليم ، فإن ذلك من علوم النبوة التي لا تقابل بالاستنباط ، ولا يتعرض له بالقياس ، وذلك مثل ما قال في حديث عبد الله بن سرجس في : السمت الحسن والتؤدة والاقتصاد إنها جزء من أربعة وعشرين جزءا من النبوة ، وقلما يصيب مؤول في حصر هذه الأجزاء ، ولئن قيض له الإصابة في بعضها لما يشهد له الأحاديث المستخرج منها لم يسلم له ذلك في البقية اهـ . ووافقه النووي في شرح مسلم في قدحه في كون زمان الرؤيا فيها ستة أشهر وقال : لم يثبت أن رؤياه - صلى الله عليه وسلم - قبل النبوة ستة أشهر . اهـ .

وقيل : المراد من هذا العدد المخصوص الخصال الحميدة ، أي : كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - ستة وأربعون خصلة ، والرؤيا الصالحة جزء منها ، ويؤيده حديث أبي هريرة السابق مع زيادة مالك من قول عطاء اللاحق ، وينصره أيضا حديث : " السمت الحسن والتؤدة والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزءا من النبوة " ، لكن ينبغي أن يراد بالأعداد المذكورة في الأحاديث المسطورة التكثير لا التحديد بقرينة حديث : " السمت الحسن جزء من خمسة وسبعين جزءا من النبوة " كما تقدم والله أعلم . ( متفق عليه ) : وفي الجامع الصغير : رواه البخاري عن أبي سعيد ، ومسلم عن ابن عمر ، وعن أبي هريرة ، وأحمد وابن ماجه عن أبي رزين ، والطبراني عن ابن مسعود ، وفي رواية لأحمد وابن ماجه عن ابن عمر ، ولأحمد أيضا عن ابن عباس ولفظه : " الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءا من النبوة " . وفي رواية ابن النجاري ، عن ابن عمر : " الرؤيا الصالحة جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة " .

التالي السابق


الخدمات العلمية