صفحة جزء
455 - وعن أنس رضي الله عنه ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يطوف على نسائه بغسل واحد . رواه مسلم " .


455 - ( وعن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم ) : أي : أحيانا ( " يطوف " ) : أي : يدور ( " على نسائه " ) : حين يجامعهن ( بغسل واحد ) : فإن قيل : أقل القسم ليلة لكل امرأة ، فكيف طاف على الجميع ؟ الجواب : وجوب القسم عليه مختلف فيه . قال أبو سعيد الإصطخري : لم يكن واجبا عليه ، بل كان يقسم بالتسوية تبرعا وتكرما ، والأكثرون على وجوبه ، وكان طوافه صلى الله عليه وسلم برضاهن ، وأما الطواف بغسل واحد فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم توضأ فيما بينه أو تركه لبيان الجواز . ( رواه مسلم ) . قال السيد جمال الدين : ورواه البخاري إلا أنه لم يذكر بغسل واحد يفهم من سياقه . وقال ميرك : وروى البخاري عن قتادة ، عن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة في الليل والنهار ، وهن إحدى عشرة . لم يذكر مسلم عدد النسوة ، ولم يذكر البخاري الغسل ا هـ .

والمراد بقوله : وهن إحدى عشرة الأزواج الطاهرات جملتهن الموطوءات في ليلة واحدة إذ منهن ليس خديجة ، وهي لم تجتمع معهن . قال في المواهب : فهؤلاء أزواجه اللاتي دخل بهن ، لا خلاف في ذلك بين أهل السير والعلم بالأثر : خديجة ، وعائشة ، وحفصة ، وأم حبيبة ، وأم سلمة ، وسودة ، وزينب ، وميمونة ، وأم المساكين ، وجويرية ، وصفية ، اللهم إلا أن يقال بتغليب النساء على السراري ، والله تعالى أعلم . وجاء في خبر البخاري أنه قيل لأنس : أوكان يطيقه ؟ فقال : كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين رجلا . وعند الإسماعيلي عن معاذ : قوة أربعين . زاد أبو نعيم ، عن مجاهد : كل رجل من رجال أهل الجنة . وفي الحديث قال الترمذي : صحيح غريب ; إذ كل رجل من أهل الجنة يعطى قوة مائة رجل ، فيكون عليه الصلاة والسلام أعطي قوة أربعة آلاف رجل ، وكذا يندفع ما استشكل من كونه عليه الصلاة والسلام أعطي قوة أربعين فقط ، وأعطي سليمان قوة مائة رجل أو ألف على ما ورد ، وحكمة تميزه عن الخلق في زيادة الوطء وقلة الأكل أن الله جمع له بين الفضيلتين في الأمور الاعتيادية ، كما جمع الله له بين الفضيلتين في الأمور الشرعية ، حتى يكون حاله كاملا في الدارين ، بل فيه خرق للعادة ; لأن من قل أكله قل جماعه غالبا ، ولعل هذه الحكمة في إباحة أربع من النساء ، ويدل على أنه كان في غاية من الصبر عن الجماع بالنسبة إلى ما أعطي من قوته ، ويحتمل أنه أعطي قوة أكل أربعين في الأكل أيضا لتلازمهما غالبا ، فيدل على غاية صبره على الجوع أيضا ، وأنه كان يطعمه ربه ويسقيه ، بمعنى أنه يسليه حضوره مع الله وعدم شعوره عما سواه من الأكل والشراب وغيرهما ، والله تعالى أعلم .

[ ص: 436 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية