صفحة جزء
[ ص: 2963 ] ( 3 ) باب المصافحة والمعانقة

الفصل الأول

4677 - عن قتادة ، قال : قلت لأنس - رضي الله عنه : أكانت المصافحة في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم . رواه البخاري .


( 3 ) باب المصافحة والمعانقة

المصافحة : هي الإفضاء بصفحة اليد إلى صفحة اليد ، وأول من أظهرها أهل اليمن أخرجه البخاري في الأدب ، وابن وهب في جامعه عن أنس رفعه . ذكره السيوطي ، وفي مختصر النهاية له : أن التصفيح هو التصفيق ، وهو ضرب صفحة الكف على صفحة الأخرى ، ومنه المصافحة ، وهي إلصاق صفحة الكف بالكف ، وفي القاموس : المصافحة الأخذ باليد كالتصافح ، ويمكن أن يكون مأخوذا من الصفح بمعنى العفو ، ويكون أخذ اليد دلالة عليه كما أن تركه مشعر بالإعراض عنه . قال النووي : اعلم أن المصافحة سنة ومستحبة عند كل لقاء ، وما اعتاده الناس بعد صلاة الصبح والعصر لا أصل له في الشرع على هذا الوجه ، ولكن لا بأس به ، فإن أصل المصافحة سنة وكونهم محافظين عليها في بعض الأحوال ومفرطين فيها في كثير من الأحوال لا يخرج ذلك البعض عن كونه من المصافحة التي ورد الشرع بأصلها ، وهي من البدعة المباحة ، وقد شرحنا أنواع البدع في أول كتب الاعتصام مستوفى اهـ .

ولا يخفى أن في كلام الإمام نوع تناقض ; لأن إتيان السنة في بعض الأوقات لا يسمى بدعة مع أن عمل الناس في الوقتين المذكورين ليس على وجه الاستحباب المشروع ، فإن محل المصافحة المشروعة أول الملاقاة ، وقد يكون جماعة يتلاقون من غير مصافحة ويتصاحبون بالكلام ومذاكرة العلم وغيره مدة مديدة ، ثم إذا صلوا يتصافحون ، فأين هذا من السنة المشروعة ، ولهذا صرح بعض علمائنا بأنها مكروهة حينئذ ، وأنها من البدع المذمومة ، نعم لو دخل أحد في المسجد والناس في الصلاة أو على إرادة الشروع فيها ، فبعد الفراغ لو صافحهم ، لكن بشرط سبق السلام على المصافحة ، فهذا من جملة المصافحة المسنونة بلا شبهة ، ومع هذا إذا مد مسلم يده للمصافحة ، فلا ينبغي الإعراض عنه بجذب اليد لما يترتب عليه من أذى يزيد على مراعاة الأدب ، فحاصله أن الابتداء بالمصافحة حينئذ على الوجه المشروع مكروه لا المجابرة ، وإن كان قد يقال فيه نوع معاونة على البدعة والله أعلم ، ثم قال النووي : وينبغي أن يحترز عن مصافحة الأمرد الحسن الوجه ، فإن النظر إليه حرام كما بسطنا القول فيه في كتاب النكاح ، وقال أصحابنا : كل من حرم النظر إليه حرم مسه ، بل مسه أشد ، فإنه يحل النظر إلى الأجنبية إذا أراد أن يتزوجها . وفي حال البيع والشراء ونحو ذلك . ولا يجوز مسها في شيء من ذلك اهـ . ثم المعانقة والتعانق في المحبة والاعتناق في الحرب ونحوها على ما في القاموس ، لكن يرد عليه ما ورد من أن الحسن جاءه - صلى الله عليه وسلم - يسعى حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه ، وكان المناسب أن يذكر التقبيل أيضا في عنوان الباب لما ورد في بعض أحاديثه .

الفصل الأول

4677 - ( عن قتادة ) : رضي الله عنه من أكابر التابعين ( قال : قلت لأنس : أكانت المصافحة في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ ) ، أي : ثابتة وموجودة فيهم حال ملاقاتهم بعد السلام زيادة للمودة والإكرام ( قال : نعم . رواه البخاري ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية