صفحة جزء
4699 - وعن معاوية - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " من سره أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار " رواه الترمذي ، وأبو داود .


4699 - ( وعن معاوية - رضي الله تعالى عنه - ) ، أي : ابن أبي سفيان ، فإنه المراد عند الإطلاق ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : من سره ) أي : أعجبه وجعله مسرورا ، ولفظ الجامع من أحب ( أن يتمثل ) أي : ينتصب ( له الرجال قياما ) أي : يقفون بين يديه قائمين لخدمته وتعظيمه من قولهم : مثل بين يديه مثولا أي : انتصب قائما ، كذا ذكره بعض الشراح . والظاهر أنهم إذا كانوا قائمين للخدمة لا للتعظيم فلا بأس به كما يدل عليه حديث سعد . قال الطيبي : يجوز أن يكون قوله قياما مفعولا مطلقا لما في الانتصاب من معنى القيام ، وأن يكون مميزا لاشتراك المثول بين المعنيين ( فليتبوأ ) أي : فليهيئ ( مقعده من النار ) . لفظه الأمر ومعناه الخبر كأنه قال : من سره ذلك وجب له أن ينزل منزلة من النار ، قيل : هذا الوعيد لمن سلك فيه طريق التكبر بقرينة السرور للمثول ، وأما إذا لم يطلب ذلك وقاموا من تلقاء أنفسهم طلبا للثواب ، أو لإرادة التواضع فلا بأس به ، وقد روى البيهقي في شعب الإيمان عن الخطابي في معنى الحديث ، هو أن يأمرهم بذلك ويلزمهم إياه على مذهب الكبر والفخر . قال : وفي حديث سعد دلالة على أن قيام المرء بين يدي الرئيس الفاضل والوالي العادل ، وقيام المتعلم للمعلم مستحب غير مكروه . وقال البيهقي : هذا القيام يكون على وجه البر والإكرام ، كما كان قيام الأنصار لسعد ، وقيام طلحة لكعب بن مالك ، ولا ينبغي للذي يقام له أن يريد ذلك من صاحبه ، حتى إن لم يفعل حقد عليه أو شكاه أو عاتبه . ( رواه الترمذي ، وأبو داود ) . وكذا أحمد : وفي شرح السنة عن أبي مجلز أن معاوية خرج ، وعبد الله بن عامر ، وعبد الله بن الزبير جالسان ، فقام ابن عامر ، وقعد ابن الزبير فقال معاوية : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من سره أن يتمثل له عباد الله قياما فليتبوأ مقعده من النار " .

التالي السابق


الخدمات العلمية