صفحة جزء
4747 - وعن جابر بن سمرة - رضي الله عنهما - قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح حتى تطلع الشمس ، فإذا طلعت الشمس قام ، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ، ويتبسم - صلى الله عليه وسلم - . رواه مسلم . وفي رواية للترمذي : يتناشدون الشعر .


4747 - ( عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه ) أي : الصبح ( حتى تطلع الشمس ) أي : طلوعا حسنا كما سبق ( فإذا طلعت الشمس قام ) أي : لصلاة الإشراق ، وهو مبدأ صلاة الضحى ، أو معناه قام للانصراف . قال النووي : فيه استحباب الذكر بعد الصبح ، وملازمته مجلسها ما لم يكن عذر . قال القاضي عياض : وكان السلف يواظبون على هذه السنة ، ويقتصرون في ذلك على الذكر والدعاء حتى تطلع الشمس . ( وكانوا ) أي : أصحابه ( يتحدثون ) أي : فيما بين الوقتين ، وهو الأظهر ، أو في غيره أو مطلقا غير مقيد بوقت دون وقت ( فيأخذون في أمر الجاهلية ) أي : على سبيل المذمة ، أو بطريق الحكاية لما فيها من فائدة وغيره ، من جملته أنه قال واحد : ما نفع أحدا صنمه مثل ما نفعني . قالوا : كيف هذا ؟ قال : صنعته من الحيس ، فجاء القحط ، فكنت آكله يوما فيوما ، وقال آخر : رأيت ثعلبين جاءا وصعدا فوق رأس صنم لي وبالا عليه فقلت : أرب يبول الثعلبان برأسه

فجئتك يا رسول الله ! وأسلمت . ( فيضحكون ، ويتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . رواه مسلم . وفي رواية للترمذي : يتناشدون الشعر ) أي : يقرءونه ، أو يطلب بعضهم من بعض قراءته . في الشمائل : عن جابر بن سمرة ، قال : جالست النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من مائة مرة ، وكان أصحابه يتناشدون الشعر ، ويتذاكرون أشياء من أمر الجاهلية وهو ساكت ، وربما يتبسم معهم . ومن المعلوم أن في مجلسه الشريف لا يتناشد إلا الشعر المنيف المشتمل على التوحيد والترغيب والترهيب ، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يتمثل بشعر ابن رواحة ، يقول :

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود



وقد قال - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق : " إن أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد :

ألا كل شيء ما خلا الله باطل     وكل نعيم لا محالة زائل



أي : من نعيم الدنيا لقوله بعد ذلك : نعيمك في الدنيا غرور وحسرةوعيشك في الدنيا محال وباطل

هذا ومن لطائف ما حكي عن بعض المشايخ أنه قرأ بعد صلاة الصبح حزبه من القرآن ، ثم أنشد أحد من أصحابه شعرا ، فحصل له بكاء وتواجد ، فلما سكن قال : أتلومون الناس يقول فلان ملحد أو زنديق ؟ قرأت كذا من القرآن و لم يخرج لي دمعة ، فلما سمعت هذا الشعر كدت أن أتجنن . أقول : هذا فتح باب للسماع ، وينجر إلى ما وقع فيه من النزاع ، ويحتاج إلى بيان الحكمة في الفرق بين حالي الشيخ في ذلك المقام مما يحتاج إلى بسط في الكلام ، فأعرضنا عنه شروعا في الأهم منه من المرام .

التالي السابق


الخدمات العلمية