صفحة جزء
4815 - وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيما رجل قال لأخيه كافر ، فقد باء بها أحدهما " متفق عليه .


4815 - ( وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيما رجل قال : كافر ) بضم الراء على البناء ، فإنه منادى حذف حرف ندائه كما ذكره ميرك ، ويؤيده ما جاء في رواية بالنداء ، وفي بعض النسخ بتنوينه على أنه خبر محذوف تقديره أنت أو هو ( فقد باء بها ) أي : رجع بإثم تلك المقالة ( أحدهما ) : وفي النهاية التزمها ورجع بها اهـ ، وفي بعض نسخ المصابيح به أي : بالكفر ، وهو أولى ذكره ابن الملك وفيه بحث ، بل الأولى أن معناه رجع بإثم ذلك القول المفهوم من قال أحدهما ، أما القائل إن اعتقد كفر المسلم بذنب صدر منه ، أو الآخر إن صدق القائل كذا ذكره بعض الشراح من علمائنا .

وقال الطيبي : لأنه إذا قال القائل لصاحبه : يا كافر مثلا فإن صدق رجع إليه كلمة الكفر الصادر منه مقتضاها ، وإن كذب واعتقد بطلان دين الإسلام رجعت إليه هذه الكلمة . وقال النووي : هذا الحديث مما عده بعض العلماء من المشكلات من حيث أن ظاهره غير مراد ، وذلك أن مذهب أهل الحق أنه لا يكفر المسلم بالمعاصي كالقتل والزنا ، وقوله لأخيه : كافر من غير اعتقاد بطلان دين الإسلام ، وإذا تقرر ما ذكرناه فقيل في تأويل الحديث أوجه أحدها : أنه محمول على المستحل لذلك ، فعلى هذا معنى باء بها أي : بكلمة الكفر أي : رجع عليه الكفر ، وثانيها : أن معناه رجعت عليه نقيضته ومعصية تكفيره . وثالثها : أنه محمول على الخوارج المكفرين للمؤمنين وهذا ضعيف ؛ لأن المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون أن الخوارج كسائر أهل البدع لا تكفر . قلت : وهذا في غير حق الرافضة الخارجة في زماننا ، فإنهم يعتقدون كفر أكثر الصحابة ، فضلا عن سائر أهل السنة والجماعة ، فهم كفرة بالإجماع بلا نزاع . قال : وخامسها : فقد رجع إليه تكفيره وليس الراجع حقيقة الكفر ، بل كفر من هو مثله ، قال : لأن كفر من لا يكفره إلا كافر يعتقد بطلان دين الإسلام ، وقال الطيبي : وفي أكثر الوجوه أحدهما محمول على القائل : ( متفق عليه ) وفي الجامع الصغير : إذا قال الرجل لأخيه : يا كافر فقد باء بها أحدهما . رواه البخاري عن أبي هريرة ، ورواه أحمد والبخاري عن ابن عمرو .

التالي السابق


الخدمات العلمية