صفحة جزء
4827 - وعن المقداد بن الأسود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب " . رواه مسلم .


4827 - ( وعن المقداد بن الأسود - رضي الله عنه - ) : قال المؤلف : هو المقداد بن عمرو الكندي ، وذلك أن أباه خالف كندة فنسب إليها ، وإنما سمي ابن الأسود لأنه كان حليفه ، أو لأنه كان في حجره ، وقيل : بل كان عبدا فتبناه . وكان سادسا في الإسلام ، روى عنه علي وطارق بن شهاب وغيرهما ، مات بالجرف على ثلاثة أميال من المدينة ، فحمل على رقاب الناس ودفن بالبقيع سنة ثلاث وثلاثين وهو ابن سبعين سنة . ( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا رأيتم المداحين ) أي : المبالغين في المدح متوجهين إليكم طمعا سواء يكون نثرا أو نظما ( فاحثوا ) : بهمزة وصل وضم مثلثة أي : ارموا ( في وجوههم ) : وفي نسخة في أفواههم ( التراب ) : قيل : يؤخذ التراب ويرمى به في وجه المداح عملا بظاهر الحديث ، وقيل : معناه الأمر بدفع المال إليهم ، إذ المال حقير كالتراب بالنسبة إلى العرض في كل باب أي : أعطوهم إياه واقطعوا به ألسنتهم لئلا يهجوكم ، وقيل : معناه أعطوهم عطاء قليلا فشبهه لقلته بالتراب ، وقيل : المراد منه أن يخيب المادح ولا يعطيه شيئا لمدحه ، والمراد زجر المادح والحث على منعه من المدح ؛ لأنه يجعل الشخص مغرورا ومتكبرا . قال الخطابي : المداحون هم الذين اتخذوا مدح الناس عادة ، وجعلوه بضاعة يستأكلون به الممدوح ، فأما من مدح الرجل على الفعل الحسن والأمر المحمود ، يكون منه ترغيبا له في أمثاله ، وتحريضا للناس على الاقتداء في أشباهه فليس بمداح ، وفي شرح السنة : قد استعمل المقداد الحديث على ظاهره في تناول عين التراب وحثيه في وجه المادح ، وقد يتأول على أن يكون معناه الخيبة والحرمان أي : من تعرض لكم بالثناء والمدح فلا تعطوه واحرموه ، كنى بالتراب عن الحرمان كقولهم : ما في يده غير التراب ، وكقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا جاءك يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه ترابا " ، وفي الجملة المدح والثناء على الرجل مكروه ؛ لأنه قلما يسلم المادح عن كذب يقوله في مدحه ، وقلما يسلم الممدوح من عجب يدخله . ( رواه مسلم ) . ورواه أحمد في مسنده ، والبخاري في الأدب ، وأبو داود ، والترمذي عن المقداد ، والطبراني والبيهقي عن ابن عمر ، والحاكم في الكنى عن أنس ، ولفظ الجامع الصغير : " احثوا التراب في وجوه المداحين " رواه الترمذي عن أبي هريرة ، وابن عدي في الكامل ، وأبو نعيم في الحلية عن ابن عمر . وفي رواية ابن ماجه عن المقداد " احثوا في أفواه المداحين التراب " ، وكذلك رواه ابن حبان عن ابن عمر ، وكذا ابن عساكر عن عبادة بن الصامت .

التالي السابق


الخدمات العلمية