صفحة جزء
4831 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل أمتي معافى إلا المجاهرون ، وإن من المجانة أن يعمل الرجل عملا بالليل ثم يصبح وقد ستره الله فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه " . متفق عليه . وذكر حديث أبي هريرة : " من كان يؤمن بالله " في باب الضيافة .


4831 - ( وعن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل أمتي معافى ) : هكذا في جميع نسخ المشكاة وهو اسم مفعول من عافاه الله أي : أعطاه الله العافية والسلامة من المكروه ، وقال النووي في شرح مسلم : معافاة بالهاء في آخره ، هكذا هو في معظم النسخ والأصول المعتمدة . قال الطيبي : وفي نسخ المصابيح معافى بلا هاء ، وعلى هذا ينبغي أن يكتب ألفه بالياء فيكون مطابقا للفظ " كل " ، كما ورد : " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " . ( إلا المجاهرون ) بالرفع في جميع نسخ المشكاة . قال التوربشتي : كتب مرفوعا في نسخ المصابيح وحقه النصب على الاستثناء . قال الأشرف : هو مستثنى من قوله : معافى ، وهو في معنى النفي ، أي : كل أمتي لا ذنب عليهم إلا المجاهرون ، وأورد الحافظ أبو موسى في مجموعه المغيث إلا المجاهرين بالنصب على الأصل ، وهكذا أورده في النهاية .

قال الطيبي : والأظهر أن يقال : كل أمتي يتركون عن الغيبة إلا المجاهرون ، كما ورد : من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له والعفو : الترك ، وفيه معنى النفي ، ونحوه قوله تعالى : ويأبى الله إلا أن يتم نوره ، والمجاهرون هم الذين جاهروا بمعاصيهم وأظهروها ، وكشفوا ما ستر الله عليهم منها فيتحدثون ، يقال : جهر وجاهر وأجهر . أقول : قول الأشرف : كل أمتي لا ذنب عليهم لا يصح على إطلاقه ، بل المعنى : كل أمتي لا يؤاخذون أو لا يعاقبون عقابا شديدا إلا المجاهرون ، وأما ما ذكره الطيبي من التقييد بالغيبة ، فلا دلالة للحديث عليه ، ولا عبرة بعنوان الباب كما لا يخفى على أولي الألباب ، بل في نفس الحديث ما يؤيد ما ذكرناه ، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - على طريق الاستئناف البياني : ( وإن من المجانة ) : بفتح الميم وخفة الجيم مصدر مجن يمجن من باب نصر ، وهي أن لا يبالي الإنسان بما صنع ولا بما قيل له من غيبة ومذمة ونسبة إلى فاحشة ( أن يعمل الرجل بالليل ) أي : مثلا ( عملا ) أي :

[ ص: 3035 ] من أعمال المعصية ( ثم يصبح ) : بالنصب وفي نسخة بالرفع أي : ثم هو يدخل في الصباح ( وقد ستره الله ) أي : عمله عن الناس أو ستره ولم يعاقبه في ليله حتى عاش إلى النهار ( فيقول ) بالنصب ويرفع أي فينادي صاحبا له ( يا فلان عملت البارحة ) أي : في الليلة الماضية ( كذا وكذا ) أي : من الأعمال السيئة ( وقد بات ) أي : والحال أن الرجل العاصي دام في ليله ( يستره ربه ) أي : عن غيره ، ولم يكشف حاله بالعقوبة ( ويصبح ) أي : الرجل مع ذلك ( يكشف ) : خبر يصبح أي : يرفع ويزيل ( ستر الله عنه ) . هو بكسر السين بمعنى السترة والحجاب ، وفي نسخة بفتحها وهو مصدر ، والمقصود غاية الاستغراب ؛ ولذا وقع في الكلام نوع من الإطناب ( متفق عليه ) . وفي الجامع الصغير بلفظ : " كل أمتي معافى إلا المجاهرون وإن من الجهار ، أن يعمل الرجل " الحديث ، لكن بدون يا فلان رواه الشيخان عنه . ورواه الطبراني في الأوسط عن أبي قتادة ولفظه : " كل أمتي معافى إلا المجاهر الذي يعمل العمل بالليل فيستره ربه ثم يصبح فيقول : يا فلان ! إني عملت البارحة كذا وكذا فيكشف ستر الله عز وجل " قال المؤلف " .

( وذكر حديث أبي هريرة : من كان يؤمن بالله ) أي : واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ( في باب الضيافة ) . أي : في حديث طويل ذكر فيه وسببه أن صدره مناسب لذلك الباب ، فيكون إسقاطه هنا للتكرير فكلامه للاعتذار ، لكنه متضمن لنوع من الاعتراض .

التالي السابق


الخدمات العلمية