صفحة جزء
4833 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتدرون ما أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ تقوى الله ، وحسن الخلق . أتدرون ما أكثر ما يدخل الناس النار ؟ الأجوفان : الفم والفرج " رواه الترمذي ، وابن ماجه .


4833 - ( وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتدرون ما أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ ) أي : ما أكثر أسباب إدخالهم الجنة مع الفائزين ( تقوى الله ) : وأقلها التقوى عن الشرك ، وأعلاها عن خطور ما سوى الله ( وحسن الخلق ) . أي : مع الخلق ، وأدناه ترك أذاهم ، وأعلاه الإحسان إلى من أساء إليه منهم ، وفيه مبادرة إلى الجواب حيث يعلم جهل أهل الخطاب ، وفائدة إيراد السؤال أولا إبهام وتفصيل وهما يوجبان إيقاع الكلام وتأثيره في النفوس أكثر . ( أتدرون ما أكثر ما يدخل الناس النار ؟ الأجوفان ) أي : المجوفان أو المعتلان الوسط علة معنوية ( الفم والفرج ) ؛ لأن المرء غالبا بسببهما يقع في مخالفة الخالق وترك المخالفة مع المخلوق ، وبه يظهر الارتباط بين القرينتين من الكلام والله أعلم بحقيقة المرام . وقال الطيبي قوله : تقوى الله إشارة إلى حسن المعاملة مع الخالق بأن يأتي جميع ما أمره به ، وينتهي عما نهى عنه ، وحسن الخلق إشارة إلى حسن المعاملة مع الخلق ، وهاتان الخصلتان موجبتان لدخول الجنة ، ونقيضهما النار ، فأوقع الفم والفرج مقابلا لهما ، أما الفم فمشتمل على اللسان وحفظ ملاك أمر الدين كله ، وأكل الحلال رأس التقوى كله ، وأما الفرج فصونه من أعظم مراتب الدين قال تعالى : والذين هم لفروجهم حافظون ؛ لأن هذه الشهوة أغلب الشهوات على الإنسان ، وأعصاه على العقل عند الهيجان ، ومن ترك الزنا خوفا من الله تعالى مع القدرة وارتفاع الموانع ، وتيسر الأسباب لا سيما عند صدق الشهوة وصل إلى درجة الصديقين قال تعالى : وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى وقصة الرشيد في تعليق طلاق زبيدة مع الإمام أبي يوسف مشهورة ، ومعنى الأكثرية في القرينتين أن أكثر أسباب السعادة الأبدية الجمع بين هاتين الخلتين ، وأن أكثر أسباب الشقاوة السرمدية الجمع بين هاتين الخصلتين . ( رواه الترمذي وابن ماجه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية