صفحة جزء
4838 - وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال : لقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت : ما النجاة ؟ فقال : " أملك عليك لسانك ، وليسعك بيتك ، وابك على خطيئتك " رواه أحمد ، والترمذي .


4838 - ( وعن عقبة بن عامر ) أي : الجهني ( قال : لقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت : ما النجاة ؟ ) أي : ما نجاة هذا الأمر حتى نتعلق به ، أو ما الخلاص عن الآفات حتى أحترس به ؟ ( فقال : أملك عليك لسانك ) بفتح الهمزة وكسر اللام أي : احفظ لسانك عما ليس فيه خير كما قاله شارح ، والأظهر أن معناه أمسك لسانك حافظا عليك أمورك ، مراعيا لأحوالك ، ففيه نوع من التضمين ، وفي النهاية أي : لا تجره إلا بما يكون لك لا عليك اهـ . وهو حاصل المعنى كما لا يخفى . وعن بعضهم أي : اجعل لسانك مملوكا لك فيما عليك وباله وتبعته ، فأمسكه عما يضرك وأطلقه فيما ينفعك اهـ . وهو ناظر إلى أن الصيغة من الثلاثي المجرد ، ففي القاموس ملكه يملكه ملكا مثلثة : احتواه قادرا على الاستبدادية ، وأملكه الشيء إياه تمليكا بمعنى ، لكن النسخ المصححة والأصول المعتمدة بصيغة المزيد مضبوطة ، نعم كتب ميركشاه على هامش كتابه : الظاهر املك بكسر الهمزة من الثلاثي المجرد متعد ، لكن في الأصل صحح من الثلاثي المزيد فيه ، وليس بظاهر ، تأمل .

قلت : لعل الزيادة لزيادة المبالغة في التعدية فتدبر ، هذا وقد قال الطيبي : هذا الجواب من أسلوب الحكيم ، سئل عن حقيقة النجاة ؟ فأجاب عن سببه ؛ لأنه أهم بحاله ، وأولى . وكان الظاهر أن يقول : حفظ اللسان ، فأخرجه على سبيل الأمر الذي يقتضي الوجوب مزيدا للتقرير والاهتمام اهـ . وما فيه من التكلف لا يخفى ، بل من التعسف في حق الصحابي ، فإنه جعل العدول عن معرفته حقيقة النجاة بالنسبة إليه أولى ، فالصواب أن تقدير السؤال ما سبب النجاة بقرينة الجواب ، وقد أشرنا فيما تقدم إلى تقرير تقدير آخر والله أعلم .

( وليسعك ) : بكسر اللام ويسكن ( بيتك ) بأن تسكن فيه ولا تخرج منه إلا لضرورة ، ولا تضجر من الجلوس فيه ، بل تجعله من باب الغنيمة فإنه سبب الخلاص من الشر والفتنة ؛ ولذا قيل : هذا زمان السكوت وملازمة البيوت والقناعة بالقوت إلى أن يموت . قال الطيبي : الأمر في الظاهر وارد على البيت ، وفي الحقيقة على المخاطب أي : تعرض لما هو سبب للزوم البيت من الاشتغال بالله ، والمؤانسة بطاعته ، والخلوة عن الأغيار ( وابك على خطيئتك ) . أي : ابك إن تقدر ، وإلا فتباك نادما على معصيتك فيما سبق من أيام حياتك . قال الطيبي : ضمن بكى معنى الندامة ، وعداه بعلى أي : اندم على خطيئتك باكيا . ( رواه أحمد والترمذي ) روى ابن نافع والطبراني عن الحارث بن هشام صدر الحديث فقط ، وهو : أملك عليك لسانك .

التالي السابق


الخدمات العلمية