صفحة جزء
4880 - وعن عبد الله بن أبي الحمساء قال : بايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يبعث ، وبقيت له بقية ، فوعدته أن آتيه بها في مكانه ، فنسيت ، فذكرت بعد ثلاث ، فإذا هو في مكانه ، فقال : " لقد شققت علي ، أنا ههنا منذ ثلاث أنتظرك " . رواه أبو داود .


4880 - ( وعن عبد الله بن الحمساء ) : بفتح الحاء المهملة وإسكان الميم وبالسين المهملة ، ذكره الشيخ الجزري في التصحيح ، وهو كذلك في القاموس ، وزاد المغني : وهو بالمد . ( قال : بايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ) أي : بعت منه بمعنى اشتريت ، فهو من البيع لا من المبايعة . قاله الطيبي : وفيه أنه غير مستقيم بحسب القاعدة الصرفية ، فالظاهر أنه محمول على بيع المقايضة والمعاوضة ، فتكون الصيغة من المفاعلة على بابه . ( قبل أن يبعث ) أي : للرسالة ( وبقيت له ) أي : للنبي - صلى الله عليه وسلم - ( بقية ) أي : شيء من ثمن ذلك المبيع ( فوعدته أن آتيه بها ) أي : أجيئه بتلك البقية ( في مكانه ) أي : المعين أو النسبي ( فنسيت ) أي : ذلك الوعد ( فذكرت بعد ثلاث ) أي : ثلاث ليال ( فجئت ذلك المكان فإذا هو ) أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ينتظرني ( في مكانه ) أي : في ذلك المكان ، أو في مكانه الموعود وفاء بما وعد من لزوم المكان حتى أجيئه بما بقي من الثمن ، وفيه إرشاد إلى ندب تصديق الوعد والوفاء بالعهد . ( فقال : لقد شققت ) : بقافين ، أي : حملت المشقة ( علي ) وأوصلتها إلي ( أنا ههنا منذ ثلاث أنتظرك ) : وكان انتظاره - صلى الله عليه وسلم - لصدق وعده لا لقبض ثمنه . قال الطيبي : واعلم أن الوعد أمر مأمور الوفاء به في جميع الأديان ، حافظ عليه الرسل المتقدمون . قال تعالى : وإبراهيم الذي وفى ، ومدح ابنه إسماعيل ، يعني : جد نبينا عليهم السلام بقوله عز وجل : إنه كان صادق الوعد ، يقال : إنه وعد إنسانا في موضع ، فلم يرجع إليه ، فأقام عليه حتى حال الحول . قلت : وذلك بحوله وقوته . ( رواه أبو داود ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية