صفحة جزء
4888 - وعنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لامرأة عجوز : " إنه لا تدخل الجنة عجوز " . فقالت : وما لهن ؟ وكانت تقرأ القرآن ، فقال لها : " أما تقرئين القرآن ؟ إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا ، رواه رزين . وفي " شرح السنة " بلفظ " المصابيح " .


4888 - ( وعنه ) أي : عن أنس - رضي الله عنه - ( عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لامرأة عجوز ) : بفتح أوله ، وأما العجوز بالضم فهو الضعف ، وفي القاموس : ولا تقل عجوزة ، أو هي لغة رديئة ، ثم قيل : هي صفية بنت عبد المطلب ، أم الزبير بن العوام عمة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسيأتي أنها غيرها ، ويمكن الجمع بتعدد الواقعة والله أعلم . ( إنه ) أي : الشأن ( لا تدخل الجنة عجوز قالت : وما لهن ؟ ) أي : وأي مانع للعجائز من دخولها وهن من المؤمنات أي : الداخلات في عموم المؤمنين من أهل الجنة . ( وكانت تقرأ القرآن ) أي : ولذا سألته مستغربة لمعنى كلامه - صلى الله عليه وسلم - ( فقال لها : أما تقرئين القرآن ؟ ) أي : وقد قال تعالى : إنا أنشأناهن إنشاء ، الضمير لما عليه سياق السباق في الآية وهو : فرش مرفوعة ، والمراد النساء ، أي : أعدنا إنشاءهن إنشاء خاصا ، وخلقناهن خلقا غير خلقهن . فجعلناهن أبكارا ، أي : عذارى ، كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارا . وفي الحديث : هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز خلقهن الله بعد الكبر ، فجعلهن عذارى متعشقات على ميلاد واحد أفضل من الحور العين ، كفضل الظهارة على البطانة ، ومن يكون لها أزواج فتختار أحسنهم خلقا . الحديث في الطبراني والترمذي مطولا ( رواه رزين ) أي : بهذا اللفظ الذي ذكر في المشكاة .

( وفي شرح السنة ) أي : للبغوي بإسناده ( بلفظ المصابيح ) : وهو : روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لعجوز : " إن الجنة لا يدخلها العجز " بضمتين جمع عجوز ذكره شارح ، فولت تبكي . قال : " أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز ، إن الله تعالى قال : إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا ، ورواه الترمذي في الشمائل عن الحسن البصري مرسلا قال : أتت عجوز النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله ، ادع الله أن يدخلني الجنة . فقال : " يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز " . قال : فولت تبكي . فقال : " أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز ، إن الله تعالى يقول : إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا . وفي نسخة زيادة : عربا أترابا ، والعرب : بضمتين ويسكن الثاني جمع عروب ، كرسل ورسول ، أي : عواشق ومتحببات إلى أزواجهن ، وقيل : العروب الملقة ; والملق الزيادة في التودد ، ومنه التملق . وقيل : الغنجة ، والغنج في الجارية تكسر وتدلل ، وقيل : الحسنة الكلام . والأتراب : المستويات في السن ، والمراد هنا بنات ثلاثين أو ثلاث وثلاثين كأزواجهن على ما في المدارك ، وهذا أكمل أسنان أبناء الدنيا .

[ ص: 3064 ] وقد أخرج أبو الشيخ ابن حبان في كتاب أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - من طريق محمد بن عثمان بن كرامة ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن حسن ، عن ليث ، عن مجاهد قال : دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - على عائشة وعندها عجوز فقال : " من هذه ؟ " قالت : هي عجوز من أخوالي ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم : " إن العجز لا يدخلن الجنة " ، فشق ذلك على المرأة ، فلما دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت له عائشة ، فقال : " إن الله عز وجل ينشئهن خلقا غير خلقهن " . وأخرج ابن الجوزي في كتاب الوفاء من طريق الزبير بن بكار قال : حدثني رجل ، حدثنا الفضل بن خالد النحوي ، حدثنا خارجة بن مصعب ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس : أن عجوزا دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألته عن شيء ، فقال لها ، ومازحها : " إنه لا يدخل الجنة عجوز " ، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة ، فبكت بكاء شديدا ، حتى رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت عائشة : يا رسول الله إن هذه المرأة تبكي لما قلت لها أنه لا يدخل الجنة عجوز ، فضحك وقال : " أجل لا يدخل الجنة عجوز ، ولكن قال الله تعالى : إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا ، وهن العجائز الرمص . قال ميرك : هو جمع الرمصاء ، والرمص وسخ العين يجتمع في الموق ، هذا وجعل بعض المفسرين ضمير ( أنشأناهن ) للحور العين على ما يفهم من السياق أيضا ، فالمعنى : خلقناهن من غير توسط ولادة ، ثم يحتمل أن المراد ثم ربيناهن حتى وصلن لحد التمتع ، ويحتمل - وهو الظاهر - أنهن خلقن ابتداء كاملات من غير تدريج في التربية والسن ، لكن وجه المطابقة بين الحديث والآية غير ظاهر على هذا ، فالصواب أن يحمل الضمير إلى نساء الجنة بأجمعهن ، وحاصله أن أهل الجنة كلهم أنشأهم الله تعالى خلقا آخر يناسب الكمال والبقاء والدوام ، وذلك يستلزم كمال الخلق وتوفر القوى البدنية وانتفاء صفات النقص عنها ، والله سبحانه أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية