صفحة جزء
4916 - وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " من الكبائر شتم الرجل والديه " . قالوا : يا رسول الله ، وهل يشتم الرجل والديه ؟ قال : " نعم ، يسب أبا الرجل ، فيسب أباه ، ويسب أمه ، فيسب أمه " . متفق عليه .


4916 - ( وعن عبد الله بن عمرو ) أي : ابن العاص - رضي الله عنهما - ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : من الكبائر ) أي : من جملتها أو بعضها ( شتم الرجل والديه ) أي : سبه إياهما أو أحدهما ولو تسببا ( قالوا : يا رسول الله ، وهل يشتم ) : بكسر عينه ويضم يسب ( الرجل والديه ) أي : هل يقع ذلك ( قال : نعم ) أي : يقع حقيقة تارة وهو نادر ومجازا أخرى ، وهو كثير لكن ما تعرفونه ، ثم بينه بقوله : ( يسب أبا الرجل فيسب ) أي : الرجل ( أباه ) أي : أبا من سبه ( ويسب ) أي : تارة أخرى ، وقد يجمع ويسب أيضا ( أمه ) أي : أم الرجل ( فيسب ) أي : الرجل ( أمه ) أي : أم سابه ، وفي الجمع بين الشتم والسب تفنن ، ففي القاموس : شتمه يشتمه ويشتمه : سبه ، وقد يفرق بينهما ويقال : السب أعم ، فإنه شامل للعن أيضا بخلاف الشتم ، وأصل السب على ما في القاموس قطعه وطعنه في السبة أي : الأست وشتمه ، والسبة بالضم العار . قيل : وإنما يصير ذلك من الكبائر إذا كان الشتم مما يوجب حدا كما إذا شتمه بالزنا والكفر ، وقال له : أبوك زان أو كافر أو نحوهما ، فقال في جوابه : بل أبوك كافر أو زان ، أما إذا شتمه بما دون ذلك بأن قال له أبوك أحمق أو جاهل أو نحوهما ، فلا يكون من الكبائر . قلت : إذا كان بعض أفراده كبيرة فيصدق عليه أنه من الكبائر .

قال الطيبي : ويمكن أن يقال : إنه من الكبائر مطلقا ; لأن سبب السب سب ، فكأنه واجه أباه بقوله أنت أحمق أو جاهل ، ولا شك أن هذا من الكبائر ، وقد قال تعالى : فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما ونحوه في قوله تعالى : ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ، قلت : السب لا يصح أن يكون كبيرة ، لا سيما إذا وجد من غير قصد ، ألا ترى أنه من سب رافضيا أو خارجيا ، فسب أحدهما بعض الصحابة لا يعد الأول سابا ، وكذا إذا كان أحد بعض الكفار فيسبوا الله ، فإنه لا يصير كافرا ، نعم ما يتوسل به إلى الحرام حرام ، لكن بشرط قصده وعلمه . قال النووي : وفيه قطع بتحريم الوسائل والذرائع ، فيؤخذ منه النهي عن بيع العصير لمن يتخذ الخمر والسلاح ممن يقطع الطريق ونحو ذلك . قلت : ويؤخذ هذا الحكم من قوله : وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ، ( متفق عليه ) : وروى ابن أبي الدنيا في ذم الغضب ، عن أبي هريرة مرفوعا " من الكبائر استطالة الرجل في عرض رجل مسلم ومن الكبائر البهتان بالسبة " .

التالي السابق


الخدمات العلمية