صفحة جزء
4951 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " الساعي على الأرملة والمسكين كالساعي في سبيل الله " . وأحسبه قال : " كالقائم لا يفتر وكالصائم لا يفطر " . متفق عليه .


4951 - ( وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الساعي على الأرملة ) بفتح الميم التي لا زوج لها . قيل : سواء كانت غنية أو فقيرة ، وفيه بعد ، وإن كان ظاهر إطلاق الحديث يعمهما ( والمسكين ) وفي معناه : الفقير ، بل بالأولى عند بعضهم ( كالساعي في سبيل الله ) أي : ثواب القائم بأمرهما وإصلاح شأنهما والإنفاق عليهما ، كثواب الغازي في جهاده ، فإن المال شقيق الروح ، وفي بذله مخالفة النفس ومطالبة رضا الرب . قالالنووي : المراد بالساعي الكاسب لهما العامل لمؤنتهما ، والأرملة من لا زوج لها ، سواء تزوجت قبل ذلك أم لا ، وقيل : التي فارقها زوجها . قال ابن قتيبة : سميت أرملة لما يحصل لها من الإرمال ، وهو الفقر وذهاب الزاد بفقد الزوج . يقال : أرمل الرجل : إذا فني زاده ، قلت : وهذا مأخذ لطيف في إخراج الغنية من عموم الأرملة . قال الطيبي : وإنما كان معنى الساعي على الأرملة ما قاله النووي ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - عداه بـ ( على ) مضمنا فيه معنى الإنفاق . ( وأحسبه ) بكسر السين وفتحها أي : أظنه ( قال : كالقائم ) قيل : قائله عبد الله بن سلمة القعنبي شيخ البخاري ومسلم الراوي عن مالك ، كما صرح به في البخاري ، ومعناه أظن أن مالكا قال : كالقائم ، وظاهر المشكاة أن قائله أبو هريرة ، فالتقدير أحسب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أيضا : كالقائم ، أو وقع له الشك في التشبيه الأول والثاني ، ويؤيده ما في الجامع الصغير برواية أحمد والشيخين والترمذي والنسائي وابن ماجه بلفظ : الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار ، على أنه يمكن أن تكون " أو " بمعنى " بل " والله أعلم ، فقوله : كالقائم أي بالليل للعبادة ( لا يفتر ) ، من الفتور وهو الملل والكسل ، وهو من باب نصر كما في المفاتيح ، ومن باب ضرب أيضا على ما في القاموس ، وأكثر النسخ على الأول فهو المعول ، والمعنى : لا يضعف عن العبادة ( وكالصائم لا يفطر ) أي : في نهاره ، بل يصوم الدهر كله قال الأشرف : الألف واللام في كالقائم والصائم غير معرفين ، ولذلك وصف كل واحد بجملة فعلية بعده كقول الشاعر :

ولقد أمر على اللئيم يسبني



وقال الطيبي : هما عبارتان عن الصوم بالنهار والقيام بالليل ، كقولهم : نهاره صائم وليله قائم ، يريدون الديمومة ( متفق عليه ) . وتقدم رواية غيرهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية