صفحة جزء
4956 - وعنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا أتاه السائل أو صاحب الحاجة قال : " اشفعوا فلتؤجروا ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء " . متفق عليه .


4956 - ( وعنه ) أي : عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - ( عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا أتاه السائل ) أي : للعطية ( أو صاحب الحاجة ) أي : إليه أو إلى غيره ، وهو أعم من السؤال فأو للتنويع ( قال : اشفعوا ) أي : له ( فلتؤجروا ) بسكون الهمزة ويبدل ، وهو أمر المخاطب باللام نحو قوله تعالى : قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ، بالخطاب في رواية يعقوب من العشرة بناء على الأصل المرفوض ، وقد روي مرفوعا ، ويؤيده أنه قرئ ( فافرحوا ) والفاء بمعنى الشرط ، كأنه قيل : إن شفعتم فتؤجروا ، وفي المغني أن اللام الطلبية قد تخرج عن الطلبية إلى غيره كالتي يراد بها أو بمصحوبها الخير نحو قوله تعالى : قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا ، اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم ، أي : فيمد ونحمل . اهـ .

وخلاصة المعنى اشفعوا تؤجروا كما في رواية ابن عساكر عن معاوية ، وكذا في هذا الحديث على ما سيأتي ، ثم رأيت الطيبي قال : الفاء في ( فلتؤجروا ) أو اللام مقحمة للتأكيد ، بل كلاهما مؤكدان ; لأنه لو قيل : تؤجروا جوابا للأمر تم كلامه ، ولا يخفى ما سبق من التحقيق والله ولي التوفيق . قال المظهر : والمعنى إذا عرض صاحب حاجة حاجته علي اشفعوا له إلي ، فإنكم إن شفعتم له حصل لكم بتلك الشفاعة أجر ، سواء قبلت شفاعتكم أو لم تقبل ، وقوله : ويقضي الله على لسان رسوله ، أي : يجري على لساني ( ما شاء ) أي : إن قضيت حاجته من شفاعتكم له فهو بتقدير الله ، وإن لم أقض فهو أيضا بتقدير الله . اهـ .

وقوله على لسان رسوله يحتمل أن يكون نقلا بالمعنى ، وأن يكون فيه نوع التفات وهو ظاهر كلام المظهر ، وفي زيادة المضاف إفادة أن غيره في هذا الملف بطريق الأولى . وقال الطيبي هو من باب التجريد إذ الظاهر أن يقال على لساني ، كأنه قال : اشفعوا لي ولا تقولوا ما ندري ، أيقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شفاعتنا أم لا ؟ فإني وإن كنت رسول الله ونبيه وصفيه لا أدري أيضا أقبل شفاعتكم أم لا ؟ لأن الله تعالى هو القاضي ، فإن قضى في أن أقبل أقبل وإلا فلا . وهو من قوله - صلى الله عليه وسلم - " اعملوا فكل ميسر لما خلق له " قلت : وفيه تلميح وتلويح إلى قوله : وما أدري ما يفعل بي ولا بكم . قال النووي : أجمعوا على تحريم الشفاعة في الحدود بعد بلوغها إلى الإمام ، وأما قبله فقد أجاز الشفاعة فيه أكثر العلماء إن لم يكن المشفوع فيه صاحب شر وأذى للناس ، وأما المعاصي التي لا حد فيها والواجب التعزير ، فيجوز الشفاعة والتشفع فيها سواء بلغت الإمام أم لا ، ثم الشفاعة فيها مستحبة إذا لم يكن المشفوع فيه مؤذيا وشريرا . ( متفق عليه ) . ورواه أبو داود والترمذي والنسائي ذكره ميرك ، وفي الجامع الصغير : " اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء " . رواه الشيخان والثلاثة .

التالي السابق


الخدمات العلمية