صفحة جزء
( 8 ) باب تطهير النجاسات

الفصل الأول

490 - عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات " . متفق عليه .

وفى رواية لمسلم : ( طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات ، أولاهن بالتراب ) .


[ 8 ] - باب تطهير النجاسات

أي : الحقيقية بالماء وغيره .

الفصل الأول

490 - ( عن أبي هريرة ) : رضي الله عنه ( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا شرب الكلب في إناء أحدكم ) : ضمن شرب معنى ولغ ، فعدي تعديته في النهاية : ولغ الكلب إذا شرب بلسانه ( " فليغسله " ) : أي : ذلك الإناء ( سبع مرات ) : فيه حجة لمالك لغسله سبعا من غير تراب ، لكن تعبدا لا لكونه نجسا ( متفق عليه ) .

[ ص: 460 ] ( وفي رواية لمسلم قال : طهور ) : بضم الطاء وتفتح .

قال النووي : الأشهر فيه ضم الطاء ، ويقال : بفتحها لغتان نقله السيد . وقال ابن الملك : بضم الطاء بمعنى التطهر أو الطهارة ( إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب ) : قال الطيبي : هو مبتدأ ، والظرف معمول له ، والخبر ( أن يغسله سبع مرات ، أولاهن بالتراب ) : أي : معهن ، وفي رواية أخرى : إحداهن بالتراب . قال ابن حجر : وهي صحيحة أيضا على ما ذكره النووي في بعض كتبه ، لكن بين في محل آخر أن في سندها ضعيفا ومجهولا ، وفي رواية صحيحة : أولاهن أو أخراهن بالتراب ، وأو فيها للشك ، كما بينه البيهقي وغيره . وفي أخرى صحيحة أيضا : " وعفروه الثامنة بالتراب " أخذ بظاهرها أحمد وغيره ، وقيل : لا تعارض ; لإمكان الجمع بحمل رواية أولاهن على الأكمل ، إذ الأولى أحب من غيرها اتفاقا ، وحمل رواية السابعة على الجواز ، ورواية إحداهن على الإجزاء . قال ابن الملك : فيجب استعمال الطهورين في ولوغ الكلب ; لكون نجاسته أغلظ النجاسات ، ولو ولغ كلبان أو كلب واحد سبع مرات . فالصحيح أنه يكفي للجميع سبع ، وهذا مذهب الشافعي . وعند أبي حنيفة : يغسل من ولوغه ثلاثا بلا تعفير كسائر النجاسات . وفي شرح السنة مذهب أكثر المحدثين : أنه إذا ولغ في ماء أو مائع يغسل سبع مرات إحداهن مكدرة بالتراب ، وفي الشرح الكبير ، عن مالك : لا يغسل من غير الولوغ ; لأن الكلب طاهر عنده ، والغسل من الولوغ تعبد ، وقال أصحاب أبي حنيفة : لا عدد في غسله ولا تعفير ، بل هو كسائر النجاسات ، وفي صحيح البخاري عن عطاء : لا يرى بشعر الإنسان بأسا أن يتخذ منه الخيوط والحبال ، وبسؤر الكلاب وممرها في المسجد ، وقال الزهري : إذا ولغ في الإناء وليس له وضوء غيره يتوضأ به . وقال سفيان : هذا الفقه بعينه ، يقول الله تعالى : فلم تجدوا ماء وفي التفسير منه شيئا يتوضأ ويتيمم اهـ .

وقال ابن الهمام : روى الدارقطني ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة عنه عليه الصلاة والسلام ، في الكلب يلغ في الإناء يغسل ثلاثا أو خمسا أو سبعا . رواه ابن عربي مرفوعا : " إذا ولغ الكلب في إناء أحدهم فليهرقه ، وليغسله ثلاث مرات " ورواه الدارقطني بسند صحيح عن عطاء موقوفا على أبي هريرة : أنه كان إذا ولغ في الإناء أهراقه ثم غسله ثلاث مرات . وحينئذ فيعارض حديث السبع ، ويقدم عليه ; لأن مع حديث السبع دلالة التقدم للعلم بما كان من التشديد في أمر الكلاب أول الأمر ، حتى أمر بقتلها ، والتشديد في سؤرها يناسب كونه إذ ذاك ، وقد ثبت نسخ ذلك ، فإذا عارض قرينته معارض كان التقدم له ، فالأمر الوارد بالسبع محمول على الابتداء ، مع أن في عمل أبي هريرة على خلاف حديث السبع - وهو رواية - كفاية لاستحالة أن يترك القطعي للراوي منه ، وهذا لأن ظنية خبر الواحد إنما هو بالنسبة إلى غير راويه ، فأما بالنسبة إلى راويه الذي سمعه من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقطعي حتى ينسخ به الكتاب إذا كان قطعي الدلالة في معناه ، فلزم أنه لا يتركه إلا لعلمه بالناسخ ؛ إذ القطعي لا يتركه بمنزلة روايته للناسخ ، بل أشبه فيكون الآخر بالضرورة .

التالي السابق


الخدمات العلمية