صفحة جزء
492 - وعن أنس رضي الله عنه ، قال : بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ جاء أعرابي ، فقام يبول في المسجد . فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : مه مه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزرموه ، دعوه " . فتركوه حتى بال ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه ، فقال له : " إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر ، إنما لذكر الله ، والصلاة ، وقراءة القرآن ) . أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : وأمر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء ، فسنه عليه متفق عليه .


492 - ( وعن أنس ) رضي الله عنه ( قال : بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي ) : أي : دخل المسجد واحد من أهل البدو ( فقام ) : أي : وقف ( يبول في المسجد . فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : مه مه ) : بفتح الميم وسكون الهاء : اسم فعل معناه اكفف ، والتكرير للتأكيد وزيادة التهديد ، فإن وصلت تؤنث يقال : مهمهت به أي : زجرته . ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تزرموه ) : بضم التاء وسكون الزاء وكسر الراء أي : لا تقطعوا عليه بوله ; فإنه يضره أو تنتشر النجاسة في المسجد بعد أن تكون بمحل واحد منه .

قال الطيبي : زرم البول بالكسر إذا انقطع ، وأزرمه غيره ( دعوه ) : أي : اتركوه ( فتركوه حتى بال ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه ) : أي : طلب ذلك الأعرابي ليعلمه بما يجب للمساجد على أبلغ وجه وألطفه . ( فقال له ) : أي للأعرابي ( إن هذه المساجد ) : الإشارة للتعظيم ، وإنما جمع لئلا يتوهم تخصيص الحكم بمسجده عليه الصلاة والسلام ( لا تصلح ) : أي : لا تليق ( لشيء من هذا البول ) : الإشارة للتحقير ( والقذر ) : هو بفتح الذال المعجمة ما يتنفر منه الطبع كالنجاسات والأشياء المنتنة ، فذكره بعد البول يكون تعميما بعد التخصيص ، قاله ابن الملك ، وفي نسخة : بكسر الذال ( إنما هي ) : أي : المساجد موضوعة شرعا وعرفا ( لذكر الله ، والصلاة ، وقراءة القرآن ) تخصيصه بالذكر لشرفه ( أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : شك من الراوي ، وليس فيه ما يدل على أن الشك من أنس كما توهم ابن حجر ، أي : قال هذا القول أو قولا شبيها به . ( قال ) : أي : أنس ( وأمر رجلا من القوم ) : بإتيان دلو ( فجاء بدلو من ماء فسنه ) : بالمهملة ، وفي نسخة : بالمعجمة .

قال الطيبي : سننت الماء على وجهي إذا أرسلته إرسالا من غير تفريق ، فإذا فرقته في الصب قلت : بالشين المعجمة كما هو في الصحاح ا هـ . وكذا في النهاية والقاموس ، والمقام يناسب الأول أي : فصبه ( عليه ) : أي : على مكان البول ( متفق عليه ) . قال السيد جمال الدين : فيه تأمل ; لأن صاحب التخريج نسب هذا الحديث إلى مسلم دون البخاري . قلت : وفي معناه الحديث المتقدم للبخاري ، فكان اللفظ لمسلم وللبخاري معناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية