إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
385 - الحديث السادس : عن أبي ثعلبة رضي الله عنه قال { حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية . }

386 - الحديث السابع : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال { دخلت أنا وخالد بن الوليد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة ، فأتي بضب محنوذ فأهوى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ، فقال بعض النسوة [ ص: 667 ] اللاتي في بيت ميمونة : أخبروا رسول الله بما يريد أن يأكل فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ، فقلت : أحرام هو يا رسول الله ؟ قال : لا ، ولكنه لم يكن بأرض قومي ، فأجدني أعافه ، قال خالد : فاجتررته ، فأكلته . والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر } .


قال رضي الله عنه " المحنوذ " المشوي بالرضيف ، وهي الحجارة المحماة . فيه دليل على جواز أكل الضب لقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل " أحرام هو ؟ قال : لا " ، ولتقرير النبي صلى الله عليه وسلم على أكله ، مع العلم بذلك ، وهو أحد الطرق الشرعية في الأحكام - أعني الفعل ، والقول ، والتقرير مع العلم .

وفيه دليل على الإعلام بما يشك في أمره ، ليتضح الحال فيه ، فإن كان يمكن أن لا يعلم النبي صلى الله عليه وسلم عين ذلك الحيوان ، وأنه ضب فقصد الإعلام بذلك ، ليكونوا على يقين من إباحته ، إن أكله أو أقر عليه . وفيه دليل على أن ليس مطلق النفرة وعدم الاستطابة دليلا على التحريم ، بل أمر مخصوص من ذلك ، إن قيل : إن ذلك من أسباب التحريم ، أعني الاستخباث ، كما يقول الشافعي .

التالي السابق


الخدمات العلمية