إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
418 - الحديث الثالث عشر : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال { كانت أموال بني النضير : مما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصا ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعزل نفقة أهله سنة ، ثم يجعل ما بقي في [ ص: 695 ] الكراع ، والسلاح عدة في سبيل الله عز وجل } .


قوله " كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله " يحتمل وجهين :

أحدهما : أن يراد بذلك : أنها كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة لا حق فيها لأحد من المسلمين ، ويكون إخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يخرجه منها لغير أهله ونفسه تبرعا منه صلى الله عليه وسلم .

والثاني : أن يكون ذلك مما يشترك فيه هو وغيره صلى الله عليه وسلم ويكون ما يخرجه منها لغيره : من تعيين المصرف ، وإخراج المستحق ، وكذلك ما يأخذه صلى الله عليه وسلم لأهله من باب أخذ النصيب المستحق من المال المشترك في المصرف ولا يمنع من ذلك قوله { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى } ; لأن هذه اللفظة قد ، وردت مع الاشتراك ، قال الله تعالى { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى ، فلله وللرسول ولذي القربى } الآية . فأطلق على ذلك كونه إفاءة على رسوله ، مع الاشتراك في المصرف .

، وفي الحديث : جواز الادخار للأهل قوت سنة ، وفي لفظه : ما يوجه الجمع بينه وبين الحديث الآخر { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخر شيئا لغد } فيحمل هذا الادخار لنفسه وفي الحديث الذي نحن في شرحه على الادخار لأهله ، على أنه لا يكاد يحصل شك في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مشاركا لأهله فيما يدخره من القوت ، ولكن يكون المعنى : أنهم المقصودون بالادخار الذي اقتضاه حالهم ، حتى لو لم يكونوا لم يدخر ، وفيه دليل على تقديم مصلحة الكراع والسلاح على غيرها ، لا سيما في مثل ذلك الزمان ، والمتكلمون على لسان الطريقة قد جعلوا - أو بعضهم - ما زاد على [ ص: 696 ] السنة خارجا عن طريقة التوكل .

التالي السابق


الخدمات العلمية