إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
35 - الحديث الثامن : عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم { أنه كان هو وأبوه عند جابر بن عبد الله ، وعنده قوم ، فسألوه عن الغسل ؟ فقال : صاع يكفيك فقال رجل : ما يكفيني ، فقال جابر : كان يكفي من هو أوفى منك شعرا ، وخيرا منك - يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم - ثم أمنا في ثوب } ، وفي لفظ { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفرغ الماء على رأسه ثلاثا . }


قال رضي الله عنه : الرجل الذي قال " ما يكفيني " هو الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أبوه : محمد بن الحنفية ، الواجب في الغسل : ما يسمى غسلا ، وذلك بإفاضة الماء على العضو [ ص: 146 ] وسيلانه عليه ، فمتى حصل ذلك تأدى الواجب ، وذلك يختلف باختلاف الناس ، فلا يقدر الماء الذي يغتسل به ، أو يتوضأ به ، وبقدر معلوم ، قال الشافعي : وقد يرفق بالقليل فيكفي ، ويخرق بالكثير فلا يكفي ، واستحب أن لا ينقص في الغسل من صاع ، ولا في الوضوء من مد .

، وهذا الحديث : أحد ما يستدل به على الاغتسال بالصاع ، وليس ذلك على سبيل التحديد ، وقد دلت الأحاديث على مقادير مختلفة ، وذلك - والله أعلم - لاختلاف الأوقات ، أو الحالات ، وهو دليل على ما قلناه ، من عدم التحديد ، " والصاع " أربعة أمداد بمد النبي . صلى الله عليه وسلم والمد رطل وثلث بالبغدادي ، وأبو حنيفة يخالف في هذا المقدار ، ولما جاء صاحبه أبو يوسف إلى المدينة ، وتناظر مع مالك في هذه المسألة ، استدل عليه مالك بصيعان أولاد المهاجرين والأنصار الذين أخذوها عن آبائهم ، فرجع أبو يوسف إلى قول مالك .

التالي السابق


الخدمات العلمية