إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
69 - الحديث الثالث : عن أنس بن سيرين قال { استقبلنا أنسا حين قدم من الشأم ، فلقيناه بعين التمر ، فرأيته يصلي على حمار ، ووجهه من ذا الجانب - يعني عن يسار القبلة - فقلت : رأيتك تصلي لغير القبلة ؟ فقال : لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ما فعلته } .


الحديث يدل على جواز النافلة على الدابة إلى غير القبلة ، وهو كما تقدم في حديث ابن عمر . وليس في هذا الحديث إلا زيادة أنه " على حمار " فقد يؤخذ منه طهارته ; لأن ملامسته مع التحرز عنه متعذرة ; لا سيما إذا طال زمن ركوبه . فاحتمل العرق . وإن كان يحتمل أن يكون على حائل بينه وبينه . وقوله " من الشأم " هو الصواب في هذا الموضع . ووقع في كتاب مسلم " حين قدم الشام " وقالوا : هو وهم ، وإنما خرجوا من البصرة ليتلقوه من الشام . وقوله { رأيتك تصلي إلى غير القبلة . فقال : لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ما فعلته }

إنما يعود إلى الصلاة إلى غير القبلة فقط . وهو الذي سئل عنه ، لا إلى غير ذلك من هيئته . والله أعلم .

وراوي هذا الحديث عن أنس بن مالك : أبو حمزة أنس بن سيرين أخو محمد بن سيرين مولى أنس بن مالك . ويقال : إنه لما ولد ذهب به إلى أنس بن مالك . فسماه أنسا ، وكناه بأبي حمزة باسمه وكنيته . متفق على الاحتجاج بحديثه [ ص: 219 ] مات بعد أخيه محمد . وكانت وفاة أخيه محمد سنة عشر ومائة .

التالي السابق


الخدمات العلمية