إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
79 - الحديث الرابع : عن عبد الله بن يزيد الخطمي الأنصاري [ ص: 228 ] رضي الله عنه قال : حدثني البراء - وهو غير كذوب - قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال : سمع الله لمن حمده : لم يحن أحد منا ظهره حتى يقع رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجدا ، ثم نقع سجودا بعده } .


" عبد الله بن يزيد الخطمي " مفتوح الخاء ساكن الطاء - من بني خطمة . وخطمة من الأوس . كان أميرا على الكوفة . والذي روى عنه هذا الحديث : أبو إسحاق . وقوله " وهو غير كذوب " حمله بعضهم على أنه كلام أبي إسحاق في وصف عبد الله بن يزيد ، لا كلام عبد الله بن يزيد في وصف البراء بن عازب . والذي ذكره المصنف يقتضي أنه كلام عبد الله بن يزيد في وصف البراء بن عازب ولو كان ذكر أبا إسحاق لكان أحسن ، أو متعينا ، لاحتمال الكلام الوجهين معا .

وأما على ما ذكره : فلا يحتمل إلا أحدهما . وهو البراء . والذين حملوا الكلام على الوجه الأول : قصدوا تنزيه البراء عن مثل هذه التزكية ; لأنه في مقام الصحبة ، وكذا نقل عن يحيى بن معين ، أنه قال - يعني أبا إسحاق - إن عبد الله بن يزيد غير كذوب . ولا يقال للبراء : إنه غير كذوب . فإذا قصدوا ذلك فعبد الله بن يزيد أيضا قد شهد الحديبية . وهو ابن سبع عشرة سنة . ورد هذا بعضهم برواية شعبة عن أبي إسحاق قال : سمعت عبد الله بن يزيد يخطب يقول : حدثنا البراء ، وكان غير كذوب . وإن كان هذا محتملا أيضا .

والحديث يدل على تأخر الصحابة في الاقتداء عن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى يتلبس بالركن الذي ينتقل إليه ، لا حين يشرع في الهوي إليه . وفي ذلك دليل على طول الطمأنينة من النبي صلى الله عليه وسلم .

ولفظ الحديث الآخر يدل على ذلك ، أعني قوله " فإذا ركع فاركعوا . وإذا [ ص: 229 ] سجد فاسجدوا " فإنه يقتضي تقدم ما يسمى ركوعا وسجودا .

التالي السابق


الخدمات العلمية