إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
87 - الحديث السادس : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم ، ثم يكبر حين يركع ، [ ص: 244 ] ثم يقول : سمع الله لمن حمده ، حين يرفع صلبه من الركعة ، ثم يقول وهو قائم : ربنا ولك الحمد ، ثم يكبر حين يهوي ، ثم يكبر حين يرفع رأسه ، ثم يكبر حين يسجد ، ثم يكبر حين يرفع رأسه ، ثم يفعل ذلك في صلاته كلها ، حتى يقضيها ، ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس } .


الكلام عليه من وجوه .

أحدها : أنه يدل على إتمام التكبير ، بأن يوقع في كل خفض ورفع ، مع التسميع في الرفع من الركوع . وقد اتفق الفقهاء على هذا ، بعد أن كان وقع فيه خلاف لبعض المتقدمين . وفيه حديث رواه النسائي { : أنه كان لا يتم التكبير } .

الثاني قوله { يكبر حين يقوم } يقتضي إيقاع التكبير في حال القيام . ولا شك أن القيام واجب في الفرائض للتكبير ، وقراءة الفاتحة - عند من يوجبها - مع القدرة . فكل انحناء يمنع اسم القيام عند التكبير : يبطل التحريم ، ويقتضي عدم انعقاد الصلاة فرضا .

وقوله { ثم يقول سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة } يدل على جمع الإمام بين التسميع والتحميد ، لما ذكرنا : أن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الموصوفة محمولة على حال الإمامة للغلبة . ويدل على أن التسميع يكون حين الرفع ، والتحميد بعد الاعتدال . وقد ذكرنا أن الفعل قد يطلق على ابتدائه وعلى انتهائه وعلى جملته حال مباشرته . ولا بأس بأن يحمل قوله { يقول حين يرفع صلبه } على حركته حالة المباشرة . ليكون الفعل مستصحبا في جميعه للذكر .

الثالث : قوله { يكبر حين يقوم } - إلى آخره اختلفوا في وقت هذا التكبير . فاختار بعضهم أن يكون عند الشروع في النهوض وهو مذهب الشافعي . واختار [ ص: 245 ] بعضهم أن يكون عند الاستواء قائما . وهو مذهب مالك . فإن حمل قوله " حين يرفع " على ابتداء الرفع ، وجعل ظاهرا فيه : دل ذلك لمذهب الشافعي . ويرجح من جهة المعنى بشغل زمن الفعل بالذكر . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية