إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
96 - الحديث الرابع عشر : عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط [ ص: 258 ] الكلب } .


لعل " الاعتدال " ههنا محمول على أمر معنوي . وهو وضع هيئة السجود موضع الشرع . وعلى وفق الأمر . فإن الاعتدال الخلقي الذي طلبناه في الركوع لا يتأدى في السجود . فإنه ثم : استواء الظهر والعنق ، والمطلوب هنا : ارتفاع الأسافل على الأعالي ، حتى لو تساويا ففي بطلان الصلاة وجهان لأصحاب الشافعي ومما يقوي هذا الاحتمال : أنه قد يفهم من قوله عقيب ذلك { ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب } أنه كالتتمة للأول . وأن الأول كالعلة له . فيكون الاعتدال الذي هو فعل الشيء على وفق الشرع علة لترك الانبساط انبساط الكلب . فإنه مناف لوضع الشرع . وقد تقدم الكلام في كراهة هذه الصفة . وقد ذكر في هذا الحديث الحكم مقرونا بعلته . فإن التشبيه بالأشياء الخسيسة مما يناسب تركه في الصلاة . ومثل هذا التشبيه { : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قصد التنفير عن الرجوع في الهبة قال مثل الراجع في هبته : كالكلب يعود في قيئه } أو كما قال . .

التالي السابق


الخدمات العلمية