إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
106 - الحديث الثاني : عن عبد الله بن بحينة - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر فقام في الركعتين الأوليين ، ولم يجلس . فقام الناس معه ، حتى إذا قضى الصلاة ، وانتظر الناس تسليمه : كبر وهو جالس . فسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم } .


الكلام عليه من وجوه .

الأول : فيه دليل على السجود قبل السلام عند النقص . فإنه نقص من هذه الصلاة : الجلوس الأوسط وتشهده . [ ص: 283 ] الثاني : فيه دليل على أن هذا الجلوس غير واجب - أعني الأول - من حيث إنه جبر بالسجود ، ولا يجبر الواجب إلا بتداركه وفعله . وكذلك فيه دليل على عدم وجوب التشهد الأول .

الثالث : فيه دليل على عدم تكرار السجود عند تكرار السهو . لأنه قد ترك الجلوس الأول والتشهد معا . واكتفى لهما بسجدتين . هذا إذا ثبت أن ترك التشهد الأول بمفرده موجب .

الرابع : فيه دليل على متابعة الإمام عند القيام عن هذا الجلوس . وهذا لا إشكال فيه ، على قول من يقول : إن الجلوس الأول سنة ، فإن ترك السنة للإتيان بالواجب ، ومتابعة الإمام واجبة .

الخامس : إن استدل به على أن ترك التشهد الأول بمفرده موجب لسجود السهو فيه . ففيه نظر ، من حيث إن المتيقن السجود عند هذا القيام عن الجلوس . وجاء من ضرورة ذلك : ترك التشهد فيه ، فلا يتيقن أن الحكم يترتب على ترك التشهد الأول فقط ، لاحتمال أن يكون مرتبا على ترك الجلوس . وجاء هذا من الضرورة الوجودية .

التالي السابق


الخدمات العلمية