إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
126 - الحديث الثاني : عن عائشة رضي الله عنها قالت { من كل الليل أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أول الليل ، وأوسطه ، وآخره . وانتهى وتره إلى السحر } .


اختلفوا في أن الأفضل تقديم الوتر في أول الليل ، أو تأخيره إلى آخره ؟ على وجهين لأصحاب الشافعي ، مع الاتفاق على جواز ذلك . وحديث عائشة يدل على [ ص: 321 ] الجواز في الأول والوسط والآخر ولعل ذلك كان بحسب اختلاف الحالات وطرو الحاجات . وقيل : بالفرق بين من يرجو أن يقوم في آخر الليل ، وبين من يخاف أن لا يقوم ، والأول : تأخيره أفضل .

والثاني : تقديمه أفضل ، ولا شك أنا إذا نظرنا إلى آخر الليل من حيث هو كذلك كانت الصلاة فيه أفضل من أوله ، لكن إذا عارض ذلك احتمال تفويت الأصل قدمناه على فوات الفضيلة . وهذه قاعدة قد وقع فيها خلاف ، ومن جملة صورها : ما إذا كان عادم الماء يرجو وجوده في آخر الوقت . فهل يقدم التيمم في أول الوقت إحرازا للفضيلة المحققة أم يؤخره إحرازا للوضوء ؟ فيه خلاف . والمختار في مذهب الشافعي : أن التقديم أفضل . فعليك بالنظر في التنظير بين المسألتين ، والموازنة بين الصورتين .

التالي السابق


الخدمات العلمية