إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
133 - الحديث الأول : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال { صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يزيد في السفر على ركعتين ، وأبا بكر وعمر وعثمان كذلك } .


هذا هو لفظ رواية البخاري في الحديث . ولفظ رواية مسلم أكثر وأزيد فليعلم ذلك . وفي الحديث دليل على المواظبة على القصر . وهو دليل على رجحان ذلك . وبعض الفقهاء قد أوجب القصر . والفعل بمجرده لا يدل على الوجوب ، لكن المتحقق من هذه الرواية : الرجحان . فيؤخذ منه . وما زاد مشكوك فيه ، فيترك . وقد خرج قول للشافعي : أن الإتمام أفضل ، قياسا على قوله : إن الصيام أفضل . والصحيح : أن القصر أفضل ، أما أولا : فلمواظبة الرسول صلى الله عليه وسلم . وأما ثانيا : فلقيام الفارق بين القصر والصوم . فإن الأول يبرئ الذمة من الواجب بخلاف الثاني .

[ ص: 332 ] وكان ابن عمر رضي الله عنهما لا يرى التنفل في السفر . وقال " لو كنت متنفلا لأتممت " . فقوله " لا يزيد " يحتمل أن يريد : لا يزيد في عدد ركعات الفرض . ويحتمل أن يريد لا يزيد نفلا . وحمله على الثاني أولى . لأنه وردت أحاديث عن ابن عمر يقتضي سياقها : أنه أراد ذلك . ويمكن أن يراد العموم . فيدخل فيه هذا أعني النافلة في السفر تبعا لا قصدا . وذكره لأبي بكر وعمر وعثمان ، مع أن الحجة قائمة بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم ليبين - والله أعلم أن ذلك كان معمولا به عند الأئمة ، لم يتطرق إليه نسخ ، ولا معارض راجح . وقد فعل ذلك مالك رحمه الله في موطئه لتقويته بالعمل .

التالي السابق


الخدمات العلمية