إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
142 - الحديث الأول : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال { كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة } .


لا خلاف في أن صلاة العيدين من الشعائر المطلوبة شرعا . وقد تواتر بها النقل الذي يقطع العذر . ويغني عن أخبار الآحاد ، وإن كان هذا الحديث من آحاد ما يدل عليها . وقد كان للجاهلية يومان معدان للعب . فأبدل الله المسلمين منهما هذين اليومين اللذين ، يظهر فيهما تكبير الله وتحميده ، وتمجيده وتوحيده ، ظهورا شائعا يغيظ المشركين . وقيل : إنهما يقعان شكرا لله تعالى على ما أنعم الله به من أداء العبادات المتعلقة بهما . فعيد الفطر : شكرا لله تعالى على إتمام صوم شهر رمضان . وعيد الأضحى : شكرا على العبادات الواقعة في العشر . وأعظمها : إقامة وظيفة الحج . وقد ثبت أيضا : أن الصلاة مقدمة على الخطبة في صلاة العيد ، وهذا الحديث يدل عليه . وقد قيل : إن بني أمية غيروا ذلك . وجميع ما له خطب من الصلوات فالصلاة مقدمة فيه ، إلا الجمعة وخطبة يوم عرفة . وقد فرق بين صلاة العيد والجمعة بوجهين :

أحدهما : أن صلاة الجمعة [ ص: 343 ] فرض عين ، ينتابها الناس من خارج المصر ، ويدخل وقتها بعد انتشارهم في أشغالهم ، وتصرفاتهم في أمور الدنيا : فقدمت الخطبة عليها حتى يتلاحق الناس ، ولا يفوتهم الفرض . لا سيما فرض لا يقضى على وجهه . وهذا معدوم في صلاة العيد .

الثاني : أن صلاة الجمعة هي صلاة الظهر حقيقة . وإنما قصرت بشرائط ، منها الخطبتان . والشرائط لا تتأخر ، وتتعذر مقارنة هذا الشرط للمشروط الذي هو الصلاة ، فلزم تقديمه . وليس هذا المعنى في صلاة العيد ، إذ ليست مقصورة عن شيء آخر بشرط ، حتى يلزم تقديم ذلك الشرط .

التالي السابق


الخدمات العلمية