أحدها : ما يتعلق بلفظ " الخسوف " بالنسبة إلى الشمس ، وإقامة هذه الصلاة في جماعة . وقد تقدم .
الثاني : قولها " فأطال القيام " لم نجد فيه حدا . وقد ذكروا أنه نحوا من سورة البقرة لحديث آخر ورد فيه . وقولها " فأطال الركوع " لم نجد فيه حدا . وذكر أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أنه نحوا من مائة آية . واختار غيرهم عدم التحديد إلا بما لا يضر بمن خلفه . وقولها " ثم قام فأطال القيام ، وهو دون القيام الأول " يقتضي أن سنة هذه الصلاة : تقصير القيام الثاني عن الأول . وقد تقدم قول من استحب ذلك في جميع الصلوات . وكأن السبب فيه : أن النشاط في الركعة الأولى يكون أكثر . فيناسب التخفيف في الثانية ، حذرا من الملال . والفقهاء اتفقوا على القراءة في هذا القيام الثاني - أعني الذين قالوا بهذه الكيفية في صلاة الكسوف - وجمهورهم على قراءة الفاتحة فيه ، إلا بعض أصحاب مالك . كأنه رآها ركعة واحدة ، زيد فيها ركوع . والركعة الواحدة لا تثنى الفاتحة فيها . وهذا يمكن أن يؤخذ من الحديث ، على ما سننبه عليه في مواضعه .
الثالث : قولها " ثم سجد فأطال السجود " يقتضي طول السجود في هذه الصلاة . وظاهر مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أنه لا يطول السجود فيها . وذكر الشيخ أبو [ ص: 354 ] إسحاق الشيرازي عن nindex.php?page=showalam&ids=13216أبي العباس بن سريج : أنه يطيل السجود ، كما يطيل الركوع . ثم قال : وليس بشيء . لأن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لم يذكر ذلك ، ولا نقل ذلك في خبر . ولو كان قد أطال لنقل ، كما في القراءة والركوع . قلنا : بل نقل ذلك في أخبار :
منها : حديث عائشة رضي الله عنها هذا . وفي حديث آخر عنها : أنها قالت " ما سجد سجودا أطول منه " وكذلك نقل تطويله في حديث أبي موسى ، nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله .
الرابع قولها : " ثم فعل في الركعة الثانية مثلما فعل في الركعة الأولى " وقد حكت في الركعة الأولى : أن القيام الثاني دون القيام الأول . وأن الركوع الثاني دون الركوع الأول . ومقتضى هذا التشبيه : أن يكون القيام الثاني دون القيام الأول ، وأن الركوع الثاني دون الركوع الأول . ولكن هل يراد بالقيام الأول : الأول من الركعة الأولى ، أو الأول من الركعة الثانية ؟ وكذلك في الركوع إذا قلنا : دون الركوع الأول ، هل يراد به : الأول من الركعة الأولى ، أو الأول من الركعة الثانية ؟ تكلموا فيه . وقد رجح أن المراد بالقيام الأول . الأول من الركعة الثانية والركوع الأول : الأول من الثانية أيضا . فيكون كل قيام وركوع دون الذي يليه .
الخامس : قولها " فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه " ظاهر في الدلالة على أن لصلاة الكسوف خطبة . ولم ير ذلك مالك ولا أبو حنيفة . قال بعض أتباع مالك : ولا خطبة ، ولكن يستقبلهم ويذكرهم . وهذا خلاف الظاهر من الحديث ، لا سيما بعد أن ثبت أنه ابتدأ بما تبتدأ " به الخطبة من حمد الله والثناء عليه . والذي ذكر من العذر عن مخالفة هذا الظاهر : ضعيف ، مثل قولهم : إن المقصود إنما كان الإخبار " أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته " للرد على من قال ذلك في موت إبراهيم . والإخبار بما رآه من الجنة والنار ، وذلك يخصه . وإنما استضعفناه لأن الخطبة لا تنحصر مقاصدها في شيء [ ص: 355 ] معين ، بعد الإتيان بما هو المطلوب منها ، من الحمد والثناء والموعظة . وقد يكون بعض هذه الأمور داخلا في مقاصدها ، مثل ذكر الجنة والنار ، وكونهما من آيات الله . بل هو كذلك جزما .
السابع : قوله { nindex.php?page=hadith&LINKID=34628ما من أحد أغير من الله من أن يزني عبده أو تزني أمته } المنزهون لله تعالى عن سمات الحد ومشابهة المخلوقين بين رجلين : إما ساكت عن التأويل ، وإما مؤول ، على أن يراد شدة المنع والحماية من الشيء . لأن الغائر على الشيء مانع له ، وحام منه . فالمنع والحماية من لوازم الغيرة . فأطلق لفظ " الغيرة " عليهما من مجاز الملازمة ، أو على غير ذلك من الوجوه السائغة في لسان العرب ، والأمر في التأويل وعدمه في هذا : قريب عند من يسلم التنزيه . فإنه حكم شرعي أعني الجواز وعدمه . ويؤخذ كما تؤخذ سائر الأحكام إلا أن يدعي المدعي : أن هذا الحكم ثبت بالتواتر عن صاحب الشرع - أعني المنع من التأويل - ثبوتا قطعيا . فخصمه يقابله حينئذ بالمنع الصريح . وقد يتعدى بعض خصومه إلى التكذيب القبيح .