إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
[ ص: 391 ] بسم الله الرحمن الرحيم 178 - الحديث الأول : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا تقدموا رمضان بصوم يوم ، أو يومين إلا رجلا كان يصوم صوما فليصمه } .


الكلام عليه من وجوه :

أحدها : فيه صريح الرد على الروافض ، الذين يرون تقديم الصوم على الرؤية ; لأن " رمضان " اسم لما بين الهلالين . فإذا صام قبله بيوم فقد تقدم عليه .

الثاني : فيه تبيين لمعنى الحديث الآخر ، الذي في { صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته } وبيان أن اللام للتأقيت ، لا للتعليل ، كما زعمت الروافض . ولو كانت للتعليل لم يلزم تقديم الصوم على الرؤية أيضا ، كما تقول : أكرم زيدا لدخوله . فلا يقتضي تقديم الإكرام على الدخول . ونظائره كثيرة . وحمله على التأقيت لا بد فيه من احتمال تجوز ، وخروج عن الحقيقة ; لأن وقت الرؤية - وهو الليل - لا يكون محلا للصوم .

الثالث : فيه دليل على أن الصوم المعتاد إذا وافقت العادة فيه ما قبل رمضان بيوم أو بيومين : أنه يجوز صومه . ولا يدخل تحت النهي ، وسواء كانت العادة بنذر أو بسرد عن غير نذر فإنهما يدخلان تحت قوله { إلا رجلا كان يصوم صوما فليصمه } .

[ ص: 392 ] الرابع : فيه دليل على كراهية إنشاء الصوم قبل الشهر بيوم أو يومين بالتطوع . فإنه خارج عما رخص فيه . ولا يبعد أن يدخل تحته النذر المخصوص باليوم من حيث اللفظ . ولكنه تعارضه الدلائل الدالة على الوفاء بالنذر .

التالي السابق


الخدمات العلمية