إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
182 - الحديث الخامس : عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم } .


[ ص: 395 ] كان قد وقع خلاف في هذا . فروى فيه أبو هريرة حديثا { من أصبح جنبا فلا صوم له } إلى أن روجع في ذلك بعض أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرت بما ذكر من كونه صلى الله عليه وسلم { كان يصبح جنبا ثم يصوم } وصح أيضا " أنه أخبر بذلك عن نفسه " وأبو هريرة أحال في روايته على غيره . واتفق الفقهاء على العمل بهذا الحديث . وصار ذلك إجماعا أو كالإجماع .

وقولها " من أهله " فيه إزالة لاحتمال يمكن أن يكون سببا لصحة الصوم

فإن الاحتلام في المنام آت على غير اختيار من الجنب ، فيمكن أن يكون سببا للرخصة . فبين في هذا الحديث : أن هذا كان من جماع ليزول هذا الاحتمال . ولم يقع خلاف بين الفقهاء المشهورين في مثل هذا ، إلا في الحائض إذا طهرت وطلع عليها الفجر قبل أن تغتسل . ففي مذهب مالك في ذلك قولان - أعني في وجوب القضاء - وقد يدل كتاب الله أيضا على صحة صوم من أصبح جنبا . فإن قوله تعالى ( ) { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } يقتضي إباحة الوطء في ليلة الصوم مطلقا . ومن جملته .

الوقت المقارب لطلوع الفجر ، بحيث لا يسع الغسل . فتقتضي الآية الإباحة في ذلك الوقت . ومن ضرورته : الإصباح جنبا . والإباحة لسبب الشيء إباحة للشيء . وقولها " من أهله " فيه حذف مضاف ، أي من جماع أهله .

التالي السابق


الخدمات العلمية