إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
228 - الحديث السابع : عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال { طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير ، يستلم الركن بمحجن }


المحجن : عصا محنية الرأس .

فيه دليل على جواز الطواف راكبا . وقيل : إن الأفضل : المشي . وإنما طاف النبي صلى الله عليه وسلم راكبا لتظهر أفعاله ، فيقتدى بها وهذا يؤخذ منه أصل كبير . وهو أن [ ص: 457 ] الشيء قد يكون راجحا بالنظر إلى محله من حيث هو . فإذا عارضه أمر آخر أرجح منه : قدم على الأول من غير أن تزول الفضيلة الأولى ، حتى إذا زال ذلك المعارض الراجح : عاد الحكم الأول من حيث هو هو . وهذا إنما يقوى إذا قام الدليل على أن ترك الأول إنما هو لأجل المعارض الراجح . وقد يؤخذ ذلك بقرائن ومناسبات . وقد يضعف ، وقد يقوى بحسب اختلاف المواضع . وههنا يصطدم الظاهر مع المتبعين للمعاني .

واستدل بالحديث على طهارة بول ما يؤكل لحمه ، من حيث إنه لا يؤمن بول البعير في أثناء الطواف في المسجد . ولو كان نجسا لم يعرض النبي صلى الله عليه وسلم المسجد للنجاسة . وقد منع لتعظيم المساجد ما هو أخف من هذا .

وفي الحديث دليل على الاستلام بالمحجن ، إذا تعذر الوصول إلى الاستلام باليد ليس فيه تعرض لتقبيله .

التالي السابق


الخدمات العلمية