إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
[ ص: 458 ] 230 - الحديث الأول : عن أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي - قال { سألت ابن عباس عن المتعة ؟ فأمرني بها ، وسألته عن الهدي ؟ فقال : فيه جزور ، أو بقرة ، أو شاة ، أو شرك في دم قال : وكان ناس كرهوها ، فنمت . فرأيت في المنام : كأن إنسانا ينادي : حج مبرور ، ومتعة متقبلة . فأتيت ابن عباس فحدثته . فقال : الله أكبر سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم } .


" أبو جمرة " بالجيم والراء المهملة " نصر " بالصاد المهملة ، الضبعي : بضم الضاد المعجمة وفتح الباء ثاني الحروف وبالعين المهملة . متفق عليه . وقوله " سألت ابن عباس عن المتعة " الظاهر : أنه يريد بها الإحرام بالعمرة في أشهر الحج ، ثم الحج من عامه .

وقوله " أمرني بها " يدل على جوازها عنده من غير كراهة . وسيأتي في الحديث قوله " وكان ناس كرهوها " وذلك منقول عن عمر رضي الله عنه وعن غيره ، على أن الناس اختلفوا فيما كرهه عمر من ذلك : هل هي المتعة التي ذكرناها أو فسخ الحج إلى العمرة ؟ والأقرب : أنها هذه . فقيل : إن هذه الكراهة والنهي من باب الحمل على الأولى ، والمشورة به على وجه المبالغة . وقوله " رأيت في المنام كأن إنسانا ينادي . .. إلخ فيه : استئناس بالرؤيا فيما يقوم عليه الدليل الشرعي ، لما دل الشرع عليه من عظم قدرها ، وأنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة . وهذا الاستئناس والترجيح لا ينافي الأصول .

وقول ابن عباس " الله أكبر . سنة أبي القاسم " يدل على أنه تأيد بالرؤيا واستبشر بها . وذلك دليل على ما قلناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية