إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
237 - الحديث الرابع : عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال { أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه ، وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها ، وأن لا أعطي الجزار منها شيئا . وقال : نحن نعطيه من عندنا } .


فيه دليل على جواز الاستنابة في القيام على الهدي وذبحه ، والتصدق به .

وقوله " وأن أتصدق بلحمها " يدل على التصدق بالجميع ولا شك أنه أفضل مطلقا ، وواجب في بعض الدماء . وفيه دليل على أن الجلود تجري مجرى اللحم في التصدق ; لأنها من جملة ما ينتفع به . فحكمها حكمه . وقوله " أن لا أعطي الجزار منها شيئا " ظاهره : عدم الإعطاء مطلقا بكل وجه . ولا شك في امتناعه إذا كان المعطى أجرة الذبح ; لأنه معاوضة ببعض الهدي والمعاوضة في الأخرى كالبيع . وأما إذا أعطى الأجرة خارجا عن اللحم المعطى ، وكان اللحم زائدا على الأجرة ، فالقياس : أن يجوز . ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال " نحن نعطيه من عندنا " وأطلق المنع من إعطائه منها . ولم يقيد المنع بالأجرة . والذي يخشى منه في هذا : أن تقع مسامحة في الأجرة لأجل ما يأخذه الجازر من اللحم . فيعود إلى المعاوضة في نفس الأمر . فمن يميل إلى المنع من الذرائع يخشى من مثل هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية