إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
268 - الحديث الرابع : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما [ ص: 514 ] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه } وفي لفظ { حتى يقبضه }

269 - وعن ابن عباس مثله .


هذا نص في منع بيع الطعام قبل أن يستوفى . ومالك خصص الحكم به إذا كان فيه حق التوفية على ما دل عليه الحديث . ولا يختص ذلك عند الشافعي بالطعام ، بل جميع المبيعات لا يجوز بيعها قبل قبضها عنده ، سواء كانت عقارا أو غيره . وأبو حنيفة يجيز بيع العقار قبل القبض . ويمنع غيره . وهذا الحديث يقتضي أمرين :

أحدهما أن تكون صورة المنع فيما إذا كان الطعام مملوكا بجهة البيع .

والثاني : أن يكون الممنوع هو البيع قبل القبض . أما الأول : فقد أخرج عنه ما إذا كان مملوكا بجهة الهبة أو الصدقة مثلا . وأما الثاني : فقد تكلم أصحاب الشافعي في جواز التصرف بعقود غير البيع . منها : العتق قبل القبض . والأصح : أنه ينفذ ، إذا لم يكن للبائع حق الحبس ، بأن أدى المشتري الثمن ، أو كان مؤجلا . فإن كان له حق الحبس ، فقيل : هو كعتق الراهن . وقيل : لا . والصحيح : أنه لا فرق . وكذا اختلفوا في الهبة والرهن قبل القبض . والأصح عند أصحاب الشافعي : المنع . وكذلك في التزويج خلاف . والأصح عند أصحاب الشافعي : خلافه . ولا يجوز عندهم التولية والشركة . وأجازهما مالك مع الإقالة . ولا شك أن الشركة والتولية بيع . فيدخلان تحت الحديث . وفي كون الإقالة بيعا : خلاف فمن لا يراها بيعا لا يدرجها تحت الحديث .

وإنما استثنى ذلك مالك على خلاف القياس . وقد ذكر أصحابه فيها حديثا يقتضي الرخصة ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية