إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
[ ص: 527 ] 277 - الحديث الثالث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال { جاء بلال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر برني فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : من أين لك هذا ؟ قال بلال : كان عندنا تمر رديء ، فبعت منه صاعين ، بصاع ليطعم النبي صلى الله عليه وسلم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك : أوه ، أوه ، عين الربا ، عين الربا ، لا تفعل . ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر . ثم اشتر به } .


هو نص في تحريم ربا الفضل في التمر ، وجمهور الأمة على ذلك ، وكان ابن عباس يخالف ربا الفضل ، وكلم في ذلك فقيل : إنه رجع عنه ، وأخذ قوم من الحديث : تجويز الذرائع ، من حيث قوله { بع التمر ببيع آخر ثم اشتر به } فإنه أجاز بيعه ، والشراء على الإطلاق ، ولم يفصل بين أن يبيعه ممن باعه ، أو من غيره ، ولا بين أن يقصد التوصل إلى شراء الأكثر أو لا : والمانعون من الذرائع : يجيبون بأنه مطلق لا عام ، فيحمل على بيعه مع غير البائع ، أو على غير الصورة التي يمنعونها . فإن المطلق يكتفى في العمل به بصورة واحدة . وفي هذا الجواب نظر ; لأنا نفرق بين العمل بالمطلق فعلا ، كما إذا قال لامرأته : إن دخلت الدار فأنت طالق ، فإنه يصدق بالدخول مرة واحدة ، وبين العمل بالمطلق ، حملا على المقيد ، فإنه يخرج اللفظ من الإطلاق إلى التقييد . وفيه دليل على أن التفاضل . في الصفات لا اعتبار به في تجويز الزيادة .

قوله " ببيع آخر " يحتمل أن يريد به : بمبيع آخر ، ويراد به : التمر ، ويحتمل أن يراد : بيع على صفة أخرى ، على معنى زيادة الباء كأنه قال : بعه بيعا آخر ، ويقوي الأول : قوله " ثم اشتر به "

التالي السابق


الخدمات العلمية