إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
288 - الحديث التاسع : عن رافع بن خديج قال { كنا أكثر الأنصار حقلا . وكنا نكري الأرض ، على أن لنا هذه ، ولهم هذه فربما أخرجت هذه ، ولم تخرج هذه فنهانا عن ذلك . فأما بالورق : فلم ينهنا } .

[ ص: 540 ] 289 - ولمسلم عن حنظلة بن قيس قال { سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق ؟ فقال : لا بأس به . إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بما على الماذيانات ، وأقبال الجداول ، وأشياء من الزرع فيهلك هذا ، ويسلم هذا ولم يكن للناس كراء إلا هذا . ولذلك زجر عنه . فأما شيء معلوم مضمون : فلا بأس به . الماذيانات الأنهار الكبار والجدول النهر الصغير } .


فيه دليل على جواز كراء الأرض بالذهب والورق . وقد جاءت أحاديث مطلقة في النهي عن كرائها ، وهذا مفسر لذلك الإطلاق . وفيه دليل على أنه لا يجوز أن تكون الأجرة شيئا غير معلوم المقدار عند العقد ، لما فيه من الإجارة على ما ذكر في الحديث ، من منع الكراء بما على الماذيانات - إلى آخره ، فإنه قد دل على أن الجهالة لم تغتفر . وقد يستدل به على جواز كرائها بطعام مضمون ، لقوله " فأما شيء معلوم مضمون ، فلا بأس به " وجواز هذه الإجارة أي الإجارة على طعام معلوم مسمى في الذمة - : هو مذهب الشافعي ، ومذهب مالك : المنع من ذلك . وقد ورد في بعض الروايات الصحيحة : ما يشعر بذلك ، وهو قوله " نهى عن كراء الأرض بكذا - إلى قوله - أو بطعام مسمى " .

التالي السابق


الخدمات العلمية