إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
308 - الحديث السابع : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار ، والشغار : أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته ، وليس بينهما الصداق }


هذا اللفظ الذي فسر به " الشغار " تبين في بعض الروايات : أنه من كلام نافع ، والشغار " بكسر الشين وبالغين المعجمة : اختلفوا في أصله في اللغة ، فقيل : هو من شغر الكلب : إذا رفع رجله ليبول ، كأن العاقد يقول : لا ترفع رجل ابنتي حتى أرفع رجل ابنتك وقيل : هو مأخوذ من شغر البلد : إذا خلا ، كأنه سمي بذلك للشغور عن الصداق .

والحديث صريح في النهي عن نكاح الشغار واتفق العلماء على المنع منه واختلفوا - إذا وقع - فساد العقد فقال بعضهم : العقد صحيح ، والواجب مهر المثل ، وقال الشافعي : العقد باطل وعند مالك فيه تقسيم . ففي بعض الصور : العقد باطل عنده وفي بعض الصور : يفسخ قبل الدخول ، ويثبت بعده وهو ما إذا سمي الصداق في العقد ، بأن يقول : زوجتك ابنتي بكذا على أن تزوجني ابنتك بكذا ، فاستخف مالك هذا ، لذكر الصداق ، وصورة الشغار الكاملة : أن يقول : زوجتك ابنتي على أن تزوجني ابنتك ، وبضع كل منهما صداق الأخرى ، ومهما انعقد لي نكاح ابنتك انعقد لك نكاح ابنتي ففي هذه الصورة : [ ص: 560 ] وجوه من الفساد . منها تعليق العقد . ومنها : التشريك في البضع . ومنها : اشتراط هدم الصداق ، وهو مفسد عند مالك ، ولا خلاف أن الحكم لا يختص بمن ذكر في الحديث ، وهو " الابنة " بل يتعدى إلى سائر الموليات .

وتفسير نافع وقوله " ولا صداق بينهما " يشعر بأن جهة الفساد : ذلك وإن كان يحتمل أن يكون ذكر ذلك لملازمته لجهة الفساد .

وعلى الجملة : ففيه إشعار بأن عدم الصداق له مدخل في النهي

التالي السابق


الخدمات العلمية