إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
310 - الحديث التاسع : عن أبي هريرة رضي الله عنه : { أن رسول [ ص: 561 ] الله صلى الله عليه وسلم قال لا تنكح الأيم حتى تستأمر ، ولا تنكح البكر حتى تستأذن . قالوا : يا رسول الله ، فكيف إذنها قال : أن تسكت } .


كأنه أطلقت " الأيم " ههنا بإزاء الثيب ، و " الاستئمار " طلب الأمر ، و " الاستئذان " طلب الإذن وقوله " فكيف إذنها " راجع إلى البكر ، وفي الحديث دليل على أن إذن البكر سكوتها ، وهو عام بالنسبة إلى لفظ " البكر " ولفظ النهي في قوله " لا تنكح " إما أن يحمل على التحريم ، أو على الكراهة ، فإن حمل على التحريم : تعين أحد الأمرين : إما أن يكون المراد بالبكر من عدا الصغيرة فعلى هذا : لا تجبر البكر البالغ ، وهو مذهب أبي حنيفة ، وتمسكه بالحديث قوي ; لأنه أقرب إلى العموم في لفظ " البكر " وربما يزاد على ذلك ، بأن يقال : إن الاستئذان إنما يكون في حق من له إذن ، ولا إذن للصغيرة ، فلا تكون داخلة تحت الإرادة ، ويختص الحديث بالبوالغ فيكون أقرب إلى التناول .

وإما أن يكون المراد : اليتيمة ، وقد اختلف قول الشافعي في اليتيمة : هل يكتفى فيها بالسكوت ، أم لا ؟ والحديث يقتضي الاكتفاء به وقد ورد مصرحا به في حديث آخر ومال إلى ترجيح هذا القول من يميل إلى الحديث من أصحابه . وغيرهم من أهل الفقه : يرجح الآخر .

التالي السابق


الخدمات العلمية