إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
317 - الحديث الثالث : عن أنس بن مالك رضي الله عنه : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى عبد الرحمن بن عوف ، وعليه ردع زعفران . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مهيم ؟ فقال : يا رسول الله تزوجت امرأة ، فقال : ما [ ص: 570 ] أصدقتها ؟ قال : وزن نواة من ذهب قال : فبارك الله لك ، أولم ولو بشاة } .


" ردع الزعفران " بالعين المهملة : أثر لونه .

وقوله عليه السلام " مهيم " أي ما أمرك ؟ وما خبرك ؟ قيل : إنها لغة يمانية . قال بعضهم : ويشبه أن تكون مركبة .

وفي قوله عليه السلام " ما أصدقتها ؟ " تنبيه وإشارة إلى وجود أصل الصداق في النكاح ، إما بناء على ما تقتضيه العادة ، وإما بناء على ما يقتضيه الشرع من استحباب تسميته في النكاح ، وذلك : أنه سأله ب " ما " والسؤال ب " ما " بعد السؤال ب " هل " فاقتضى ذلك : أن يكون أصل الإصداق : متقررا لا يحتاج إلى السؤال عنه .

وفي قوله " وزن نواة " قولان :

أحدهما : أن المراد : نواة من نوى التمر وهو قول مرجوح ولا يتحدد الوزن به ، لاختلاف نوى التمر في المقدار : والثاني : أنه عبارة عن مقدار معلوم عندهم ، وهو وزن خمسة دراهم . ثم في المعنى وجهان :

أحدهما : أن يكون المصدق ذهبا وزنه خمسة دراهم .

والثاني : أن يكون المصدق دراهم بوزن نواة من ذهب . وعلى الأول : يتعلق قوله " من ذهب " بلفظ " وزن " وعلى الثاني يتعلق " بنواة .

" وقوله " بارك الله لك " دليل على استحباب الدعاء للمتزوج بمثل هذا اللفظ و " الوليمة " الطعام المتخذ لأجل العرس ، وهو من المطلوبات شرعا . ولعل من جملة فوائده : أن اجتماع الناس لذلك مما يقتضي اشتهار النكاح .

وقوله " أولم " صيغة أمر ، محمولة عند الجمهور على الاستحباب وأجراها بعضهم على ظاهرها ، فأوجب ذلك .

وقوله " ولو بشاة " يفيد معنى التقليل وليست " لو " هذه هي التي تقتضي امتناع الشيء لوجود غيره . وقال بعضهم : هي التي تقتضي معنى التمني .

التالي السابق


الخدمات العلمية