إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

صفحة جزء
353 - الحديث الخامس : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال { إن اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكروا له : أن امرأة منهم ورجلا زنيا . فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تجدون في التوراة ، في شأن الرجم ؟ فقالوا : نفضحهم ويجلدون . قال عبد الله بن سلام : كذبتم ، فيها آية الرجم ، فأتوا بالتوراة فنشروها ، فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها . فقال له عبد الله بن سلام : ارفع يدك . فرفع يده ، فإذا فيها آية الرجم ، فقال : صدق يا محمد ، فأمر بهما النبي صلى الله عليه وسلم فرجما . قال : فرأيت الرجل : يجنأ على المرأة يقيها الحجارة } .


قال رضي الله عنه : الذي وضع يده على آية الرجم : هو عبد الله بن صوريا . اختلف الفقهاء في أن الإسلام : هل هو شرط في الإحصان أم لا ؟ فذهب [ ص: 627 ] الشافعي أنه ليس بشرط فإذا حكم الحاكم على الذمي المحصن رجمه . ومذهب أبي حنيفة : أن الإسلام شرط في الإحصان . واستدل الشافعية بهذا الحديث ورجم النبي صلى الله عليه وسلم اليهوديين ، واعتذر الحنفية عنه بأن قالوا : رجمهما بحكم التوراة ، وأنه سألهم عن ذلك ، وأن ذلك عندما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، وادعوا أن آية حد الزنا نزلت بعد ذلك فكان ذلك الحديث منسوخا . وهذا يحتاج إلى تحقيق التاريخ أعني ادعاء النسخ . وقوله " فرأيت الرجل يجنأ على المرأة " الجيد في الرواية " يجنأ " بفتح الياء وسكون الجيم وفتح النون ، والهمزة : أي يميل ، ومنه الجنى ، قال الشاعر :

وبدلتني بالشطاط الجنى وكنت كالصعدة تحت السنان

وفي كلام بعضهم ما يشعر بأن اللفظة بالحاء ، يقال : حنا الرجل يحنو إذا أكب على الشيء . قال الشاعر :

حنو العابدات على وسادي

.

التالي السابق


الخدمات العلمية