صفحة جزء
[ ص: 215 ] الحديث السابع عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الدين النصيحة ثلاثا قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم رواه مسلم .
هذا الحديث خرجه مسلم من رواية سهيل بن أبي صالح عن عطاء بن يزيد الليثي ، عن تميم الداري ، وقد روي عن سهيل وغيره ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وخرجه الترمذي من هذا الوجه ، فمن العلماء من صححه من الطريقين جميعا ، ومنهم من قال : إن الصحيح حديث تميم ، والإسناد الآخر وهم . وقد روي هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر ، وثوبان ، وابن عباس ، وغيرهم . وقد ذكرنا في أول الكتاب عن أبي داود أن هذا الحديث أحد الأحاديث التي يدور عليها الفقه . [ ص: 216 ] وقال الحافظ أبو نعيم : هذا الحديث له شأن ، ذكر محمد بن أسلم الطوسي أنه أحد أرباع الدين . وخرجه الطبراني من حديث حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من لا يهتم بأمر المسلمين ، فليس منهم ، ومن لم يمس ويصبح ناصحا لله ولرسوله ولكتابه ولإمامه ، ولعامة المسلمين فليس منهم . وخرج الإمام أحمد من حديث أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال الله عز وجل : أحب ما تعبدني به عبدي النصح لي . وقد ورد في أحاديث كثيرة النصح للمسلمين عموما ، وفي بعضها النصح لولاة أمورهم ، وفي بعضها : نصح ولاة الأمور لرعاياهم . فأما الأول - وهو النصح للمسلمين - عموما ، ففي " الصحيحين " عن جرير بن عبد الله قال : بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والنصح لكل مسلم . وفي " صحيح مسلم " عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : حق المؤمن على المؤمن ست فذكر منها : وإذا استنصحك فانصح له . وروي هذا الحديث من وجوه أخر عن النبي صلى الله عليه وسلم . وفي " المسند " عن حكيم بن أبي يزيد ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : إذا [ ص: 217 ] استنصح أحدكم أخاه ، فلينصح له . وأما الثاني : وهو النصح لولاة الأمور ، ونصحهم لرعاياهم ، ففي " صحيح مسلم " عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله يرضى لكم ثلاثا : يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم . وفي " المسند " وغيره عن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : في خطبته بالخيف من منى ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم : إخلاص العمل لله ، ومناصحة ولاة الأمر ، ولزوم جماعة المسلمين وقد روى هذه الخطبة عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة منهم أبو سعيد الخدري . وقد روي من حديث أبي سعيد بلفظ آخر خرجه الدارقطني في " الأفراد " بإسناد جيد ، ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم : [ ص: 218 ] النصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولعامة المسلمين . وفي " الصحيحين " عن معقل بن يسار ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما من عبد يسترعيه الله رعية ثم لم يحطها بنصيحة إلا لم يدخل الجنة . وقد ذكر الله في كتابه عن الأنبياء عليهم السلام أنهم نصحوا لأممهم كما أخبر الله بذلك عن نوح ، وعن صالح وقال : ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ( التوبة : 91 ) يعني : أن من تخلف عن الجهاد لعذر ، فلا حرج عليه بشرط أن يكون ناصحا لله ورسوله في تخلفه ، فإن المنافقين كانوا يظهرون الأعذار كاذبين ، ويتخلفون عن الجهاد من غير نصح لله ورسوله . وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الدين النصيحة ، فهذا يدل على أن النصيحة تشمل خصال الإسلام والإيمان والإحسان التي ذكرت في حديث جبريل ، وسمى ذلك كله دينا ، فإن النصح لله يقتضي القيام بأداء واجباته على أكمل وجوهها ، وهو مقام الإحسان ، فلا يكمل النصح لله بدون ذلك ، ولا يتأتى ذلك بدون كمال المحبة الواجبة والمستحبة ، ويستلزم ذلك الاجتهاد في التقرب إليه بنوافل الطاعات على هذا الوجه وترك المحرمات والمكروهات على هذا الوجه أيضا . وفي مراسيل الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أرأيتم لو كان لأحدكم عبدان ، فكان أحدهما يطيعه إذا أمره ، ويؤدي إليه إذا ائتمنه ، وينصح له إذا غاب عنه ، وكان الآخر يعصيه إذا أمره ، ويخونه إذا ائتمنه ، ويغشه إذا غاب عنه كانا سواء ؟ قالوا : لا ، قال : فكذاكم أنتم عند الله عز وجل خرجه ابن أبي الدنيا . [ ص: 219 ] وخرج الإمام أحمد معناه من حديث أبي الأحوص عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقال الفضيل بن عياض : الحب أفضل من الخوف ، ألا ترى إذا كان لك عبدان أحدهما يحبك ، والآخر يخافك ، فالذي يحبك منهما ينصحك شاهدا كنت أو غائبا لحبه إياك ، والذي يخافك عسى أن ينصحك إذا شهدت لما يخاف ويغشك إذا غبت ولا ينصحك . قال عبد العزيز بن رفيع : قال الحواريون لعيسى عليه السلام : ما الخالص من العمل ؟ قال : ما لا تحب أن يحمدك الناس عليه ، قالوا : فما النصح لله ؟ قال : أن تبدأ بحق الله تعالى قبل حق الناس ، وإن عرض لك أمران : أحدهما لله ، والآخر للدنيا ، بدأت بحق الله تعالى . قال الخطابي : النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له ، قال : وأصل النصح في اللغة الخلوص ، يقال : نصحت العسل : إذا خلصته من الشمع . فمعنى النصيحة لله سبحانه : صحة الاعتقاد في وحدانيته ، وإخلاص النية [ ص: 220 ] في عبادته ، والنصيحة لكتابه : الإيمان به ، والعمل بما فيه ، والنصيحة لرسوله : التصديق بنبوته ، وبذل الطاعة له فيما أمر به ، ونهى عنه ، والنصيحة لعامة المسلمين : إرشادهم إلى مصالحهم . انتهي . وقد حكى الإمام أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي في كتابه " تعظيم قدر الصلاة " عن بعض أهل العلم أنه فسر هذا الحديث بما لا مزيد على حسنه ، ونحن نحكيه هاهنا بلفظه . قال محمد بن نصر : قال بعض أهل العلم : جماع تفسير النصيحة هو عناية القلب للمنصوح له من كان ، وهي على وجهين : أحدهما فرض ، والآخر نافلة ، فالنصيحة المفترضة لله : هي شدة العناية من الناصح باتباع محبة الله في أداء ما افترض ، ومجانبة ما حرم . وأما النصيحة التي هي نافلة ، فهي إيثار محبته على محبة نفسه ، وذلك أن يعرض أمران ، أحدهما لنفسه ، والآخر لربه ، فيبدأ بما كان لربه ، ويؤخر ما كان لنفسه ، فهذه جملة تفسير النصيحة لله ، الفرض منه والنافلة ، ولذلك تفسير ، وسنذكر بعضه ليفهم بالتفسير من لا يفهم بالجملة . فالفرض منها مجانبة نهيه ، وإقامة فرضه بجميع جوارحه ما كان مطيقا له ، فإن عجر عن الإقامة بفرضه لآفة حلت به من مرض ، أو حبس ، أو غير ذلك ، عزم على أداء ما افترض عليه متى زالت عنه العلة المانعة له ، قال الله عز وجل ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل ( التوبة : 91 ) ، فسماهم محسنين لنصيحتهم لله بقلوبهم لما منعوا من الجهاد بأنفسهم . وقد ترفع الأعمال كلها عن العبد في بعض الحالات ، ولا يرفع عنه النصح لله ، فلو كان من المرض بحال لا يمكنه عمل بشيء من جوارحه بلسان ولا [ ص: 221 ] غيره ، غير أن عقله ثابت ، لم يسقط عنه النصح لله بقلبه وهو أن يندم على ذنوبه ، وينوي إن صح أن يقوم بما افترض الله عليه ، ويجتنب ما نهاه عنه ، وإلا كان غير ناصح لله بقلبه . وكذلك النصح لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم فيما أوجبه على الناس عن أمر ربه ، ومن النصح الواجب لله أن لا يرضى بمعصية العاصي ، ويحب طاعة من أطاع الله ورسوله . وأما النصيحة التي هي نافلة لا فرض ، فبذل المجهود بإيثار الله على كل محبوب بالقلب وسائر الجوارح حتى لا يكون في الناصح فضل عن غيره ، لأن الناصح إذا اجتهد ، لم يؤثر نفسه عليه ، وقام بكل ما كان في القيام به سروره ومحبته ، فكذلك الناصح لربه ، ومن تنفل لله بدون الاجتهاد ، فهو ناصح على قدر عمله ، غير مستحق للنصح بكماله . وأما النصيحة لكتاب الله ، فشدة حبه وتعظيم قدره ، إذ هو كلام الخالق ، وشدة الرغبة في فهمه ، وشدة العناية لتدبره والوقوف عند تلاوته لطلب معاني ما أحب مولاه أن يفهمه عنه ، أو يقوم به له بعد ما يفهمه ، وكذلك الناصح من العباد يفهم وصية من ينصحه ، وإن ورد عليه كتاب منه ، عني بفهمه ليقوم عليه بما كتب به فيه إليه ، فكذلك الناصح لكتاب ربه ، يعنى بفهمه ليقوم لله بما أمره به كما يحب ويرضى ، ثم ينشر ما فهم في العباد ويديم دراسته بالمحبة له ، والتخلق بأخلاقه ، والتأدب بآدابه . وأما النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم في حياته ، فبذل المجهود في طاعته ونصرته ومعاونته ، وبذل المال إذا أراده والمسارعة إلى محبته ، وأما بعد وفاته : فالعناية بطلب سنته ، والبحث عن أخلاقه وآدابه ، وتعظيم أمره ، ولزوم القيام به ، وشدة الغضب والإعراض عمن تدين بخلاف سنته ، والغضب على من ضيعها لأثرة [ ص: 222 ] دنيا ، وإن كان متدينا بها ، وحب من كان منه بسبيل من قرابة ، أو صهر ، أو هجرة أو نصرة ، أو صحبة ساعة من ليل أو نهار على الإسلام والتشبه به في زيه ولباسه . وأما النصيحة لأئمة المسلمين ، فحب صلاحهم ورشدهم وعدلهم ، وحب اجتماع الأمة عليهم ، وكراهة افتراق الأمة عليهم ، والتدين بطاعتهم في طاعة الله عز وجل ، والبغض لمن رأى الخروج عليهم ، وحب إعزازهم في طاعة الله عز وجل . وأماالنصيحة للمسلمين ، فأن يحب لهم ما يحب لنفسه ، ويكره لهم ما يكره لنفسه ، ويشفق عليهم ، ويرحم صغيرهم ، ويوقر كبيرهم ، ويحزن لحزنهم ، ويفرح لفرحهم ، وإن ضره ذلك في دنياه كرخص أسعارهم ، وإن كان في ذلك فوات ربح ما يبيع من تجارته ، وكذلك جميع ما يضرهم عامة ، ويحب صلاحهم وإلفتهم ودوام النعم عليهم ، ونصرهم على عدوهم ، ودفع كل أذى ومكروه عنهم . وقال أبو عمرو بن الصلاح : النصيحة كلمة جامعة تتضمن قيام الناصح للمنصوح له بوجوه الخير إرادة وفعلا . فالنصيحة لله تعالى : توحيده ووصفه بصفات الكمال والجلال ، وتنزيهه عما يضادها ويخالفها ، وتجنب معاصيه ، والقيام بطاعته ومحابه بوصف الإخلاص ، والحب فيه والبغض فيه ، وجهاد من كفر به تعالى وما ضاهى ذلك ، والدعاء إلى ذلك ، والحث عليه . والنصيحة لكتابه : الإيمان به وتعظيمه وتنزيهه ، وتلاوته حق تلاوته ، [ ص: 223 ] والوقوف مع أوامره ونواهيه ، وتفهم علومه وأمثاله ، وتدبر آياته ، والدعاء إليه ، وذب تحريف الغالين وطعن الملحدين عنه . والنصيحة لرسوله قريب من ذلك : الإيمان به وبما جاء به وتوقيره وتبجيله ، والتمسك بطاعته ، وإحياء سنته واستثارة علومها ونشرها ومعاداة من عاداه وعاداها ، وموالاة من والاه ووالاها ، والتخلق بأخلاقه ، والتأدب بآدابه ، ومحبة آله وصحابته ، ونحو ذلك . والنصيحة لأئمة المسلمين : معاونتهم على الحق ، وطاعتهم فيه ، وتذكيرهم به ، وتنبيههم في رفق ولطف ، ومجانبة الوثوب عليهم ، والدعاء لهم بالتوفيق وحث الأغيار على ذلك . والنصيحة لعامة المسلمين : إرشادهم إلى مصالحهم ، وتعليمهم أمور دينهم ودنياهم ، وستر عوراتهم ، وسد خلاتهم ، ونصرتهم على أعدائهم ، والذب عنهم ، ومجانبة الغش ، والحسد لهم ، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ، ويكره لهم ما يكرهه لنفسه ، وما شابه ذلك . انتهى ما ذكره . ومن أنواع نصحهم بدفع الأذى والمكروه عنهم إيثار فقيرهم وتعليم جاهلهم ، ورد من زاغ منهم عن الحق في قول أو عمل بالتلطف في ردهم إلى الحق ، والرفق بهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محبة لإزالة فسادهم ولو بحصول ضرر له في دنياه ، كما قال بعض السلف : وددت أن هذا الخلق أطاعوا الله وإن لحمي قرض بالمقاريض ، وكان عمر بن عبد العزيز يقول : يا ليتني عملت فيكم بكتاب الله وعملتم به ، فكلما عملت فيكم بسنة ، وقع مني عضو حتى يكون آخر شيء منها خروج نفسي . ومن أنواع النصح لله تعالى وكتابه ورسوله - وهو مما يختص به العلماء - رد الأهواء المضلة بالكتاب والسنة ، وبيان دلالتهما على ما يخالف الأهواء كلها [ ص: 224 ] وكذلك رد الأقوال الضعيفة من زلات العلماء ، وبيان دلالة الكتاب والسنة على ردها ، ومن ذلك بيان ما صح من حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، وما لم يصح منه بتبيين حال رواته ومن تقبل رواياته منهم ومن لا تقبل ، وبيان غلط من غلط من ثقاتهم الذين تقبل روايتهم . ومن أعظم أنواع النصح أن ينصح لمن استشاره في أمره ، كما قال صلى الله عليه وسلم : إذا استنصح أحدكم أخاه ، فلينصح له وفي بعض الأحاديث : إن من حق المسلم على المسلم أن ينصح له إذا غاب ومعنى ذلك : أنه إذا ذكر في غيبه بالسوء أن ينصره ، ويرد عنه ، وإذا رأى من يريد أذاه في غيبه ، كفه عن ذلك ، فإن النصح في الغيب يدل على صدق النصح ، فإنه قد يظهر النصح في حضوره تملقا ، ويغشه في غيبه .وقال الحسن : إنك لن تبلغ حق نصيحتك لأخيك حتى تأمره بما تعجز عنه . قال الحسن : وقال بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إن شئتم لأقسمن لكم بالله إن أحب عباد الله إلى الله الذين يحببون الله إلى عباده ويحببون عباد الله إلى الله ويسعون في الأرض بالنصيحة . وقال فرقد السبخي ، قرأت في بعض الكتب : المحب لله عز وجل أمير مؤمر على الأمراء ، زمرته أول الزمر يوم القيامة ، ومجلسه أقرب المجالس فيما هناك والمحبة فيما هناك والمحبة منتهى القربة والاجتهاد ، ولن يسأم المحبون من طول اجتهادهم [ ص: 225 ] لله عز وجل ، يحبونه ويحبون ذكره ، ويحببون إلى خلقه ، يمشون بين عباده بالنصائح ، ويخافون عليهم من أعمالهم يوم تبدو الفضائح ، أولئك أولياء الله وأحباؤه وأهل صفوته ، أولئك الذين لا راحة لهم دون لقائه . وقال ابن علية في قول أبي بكر المزني : ما فاق أبو بكر رضي الله عنه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوم ولا صلاة ، ولكن بشيء كان في قلبه ، قال : الذي كان في قلبه الحب لله عز وجل ، والنصيحة في خلقه . وقال الفضيل بن عياض : ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام ، وإنما أدرك عندنا بسخاء الأنفس ، وسلامة الصدور ، والنصح للأمة . وسئل ابن المبارك : أي الأعمال أفضل ؟ قال : النصح لله . وقال معمر : كان يقال : أنصح الناس لك من خاف الله فيك . وكان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد ، وعظوه سرا حتى قال بعضهم : من وعظ أخاه فيما بينه وبينه ، فهي نصيحة ، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وبخه . وقال الفضيل : المؤمن يستر وينصح ، والفاجر يهتك ويعير . وقال عبد العزيز بن أبي رواد : كان من كان قبلكم إذا رأى الرجل من أخيه شيئا يأمره في رفق ، فيؤجر في أمره ونهيه ، وإن أحد هؤلاء يخرق بصاحبه فيستغضب أخاه ويهتك ستره . وسئل ابن عباس رضي الله عنهما ، عن أمر السلطان بالمعروف ، ونهيه عن المنكر ، فقال : إن كنت فاعلا ولابد ، ففيما بينك وبينه . وقال الإمام أحمد رحمه الله : ليس على المسلم نصح الذمي ، وعليه نصح المسلم ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : والنصح لكل مسلم ، وأن ينصح لجماعة المسلمين وعامتهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية